يقدم الحكم رقم 17494 الصادر في 29 نوفمبر 2022، عن محكمة النقض، تأملاً هاماً حول إمكانية إثبات القصد الجنائي فيما يتعلق بجريمة التدمير، كما هو منصوص عليه في المادة 419 من قانون العقوبات. يهدف هذا المقال إلى التعمق في الجوانب الرئيسية لهذا الحكم، وتحليل الآثار القانونية والمتطلبات اللازمة لوجود القصد الجنائي في سياق الجرائم ضد النظام العام.
تتحقق جريمة التدمير عندما يقوم شخص بتدمير أو إتلاف ممتلكات الآخرين في سياق من العنف أو الاضطرابات. توضح المحكمة في قرارها أنه لكي يتحقق القصد الجنائي، يجب على الفاعل ليس فقط أن يتصور ويرغب في سلوكه التدميري، بل أن يتصرف بوعي على الرغم من إدراكه أن هذا السلوك يمثل سبباً فعالاً للنتيجة الضارة. بعبارة أخرى، يجب أن يكون لدى الفاعل وعي كامل بخطورة عواقب أفعاله.
العنصر الذاتي - القصد الجنائي - المحتوى. فيما يتعلق بجريمة التدمير، لكي يتحقق القصد الجنائي، يجب على الفاعل، بالإضافة إلى تصور ورغبة سلوكه التدميري، أن يتصرف على الرغم من إدراكه أن هذا السلوك يمثل سبباً فعالاً للنتيجة.
يبرز هذا المبدأ القانوني جانبين أساسيين: التصور الذهني وإرادة الفاعل. من الضروري أن يكون المتهم على دراية بما يفعله وعواقب أفعاله. يجب أن يقترن هذا الوعي بالرغبة في المضي قدماً على الرغم من الوعي بالأضرار المحتملة.
يعد الرجوع إلى المادة 43 من قانون العقوبات، التي تعرف القصد الجنائي بأنه نية ارتكاب جريمة، أمراً بالغ الأهمية في هذا السياق. أكدت المحكمة الدستورية، وكذلك الفقه القانوني، مراراً وتكراراً على أهمية هذا العنصر الذاتي في القانون الجنائي. ساهمت المبادئ السابقة، مثل المبدأ رقم 37367 لعام 2014، في رسم إطار قانوني واضح ومتسق حول مسألة القصد الجنائي في جريمة التدمير.
يمثل الحكم رقم 17494 لعام 2022 تأملاً هاماً حول ضرورة إثبات القصد الجنائي في جريمة التدمير. لا يمكن الاستهانة بالوعي والرغبة في إتلاف ممتلكات الآخرين، حيث أنهما يشكلان العنصر الأساسي لتحقق هذه الجريمة. يجب على المحامين والمتخصصين في القانون مراعاة هذه التوجيهات للدفاع أو الادعاء بشكل صحيح في القضايا التي تنطوي على جرائم تدمير، مما يضمن تحقيق عدالة منصفة ومتناسبة.