عالم الأعمال هو نظام بيئي معقد، حيث يلعب كل فاعل دورًا ومسؤوليات محددة جيدًا. من بين هؤلاء، يحتل مجلس الرقابة مكانة حاسمة في الرقابة والإشراف على إدارة الشركة. ولكن ماذا يحدث عندما تدخل الشركة في أزمة وتتشكل جرائم مثل الإفلاس الاحتيالي؟ إلى أي مدى يمكن تحميل أعضاء مجلس الرقابة المسؤولية الجنائية عن الإهمال؟ تقدم محكمة النقض، بموجب حكمها الأخير رقم 23175 بتاريخ 28 مايو 2025 (المودع بتاريخ 20 يونيو 2025)، توضيحات أساسية، تحدد حدود مسؤولية أعضاء مجلس الرقابة. هذا القرار، الذي كان المتهم فيه هو س. ق. والمقررة فيه الدكتورة م. إ. م.، والذي ألغى جزئيًا مع الإحالة قرار محكمة الاستئناف في جنوة، يمثل نقطة مرجعية لا غنى عنها لفهم نطاق "موقف الضمان" في مجال القانون الجنائي للشركات.
مجلس الرقابة، في كل شركة مساهمة، هو الهيئة المسؤولة عن مراقبة إدارة الشركة، ومدى ملاءمة تنظيمها الإداري والمحاسبي، والامتثال للقانون والنظام الأساسي. يشغل أعضاء مجلس الرقابة، بحكم وظيفتهم، "موقف ضمان" حقيقي (وفقًا للمادة 40، الفقرة 2، من القانون الجنائي)، مما يعني أن لديهم واجبًا قانونيًا لمنع الأحداث الضارة التي تقع ضمن نطاق سيطرتهم. في الماضي، أدى موقف الضمان هذا غالبًا إلى تفسيرات موسعة لمسؤولية أعضاء مجلس الرقابة، لدرجة أنها تنبع تلقائيًا من مجرد عدم ممارسة واجبات الرقابة في وجود جرائم الشركات أو الإفلاس. ومع ذلك، بدأت الفقه القانوني الأحدث في تخفيف هذه الرؤية، والسعي لتحقيق توازن بين الحاجة إلى معاقبة الإهمال المذنب والحاجة إلى عدم تحويل أعضاء مجلس الرقابة إلى مجرد "كبش فداء" لكل فشل تجاري.
يقع الحكم قيد الدراسة في هذا السياق، حيث يقدم تفسيرًا أكثر دقة للمسؤولية عن المشاركة بالإهمال لأعضاء مجلس الرقابة في الإفلاس الاحتيالي. أكدت المحكمة العليا مبدأ رئيسيًا، وهو من المناسب اقتباسه بالكامل لفهم نطاقه الكامل:
في موضوع الإفلاس الاحتيالي، لا تنبع مسؤولية المشاركة بالإهمال لأعضاء مجلس الرقابة تلقائيًا من موقف الضمان الذي يشغلونه وعدم ممارسة واجبات الرقابة العامة، بل تتطلب التحقق من وجود صلاحيات محددة لمنع وقوع الجريمة، والتي يجب مقارنتها بجريمة معينة في بعدها الواقعي الملموس، وكذلك التأثير السببي الفعلي لعدم ممارسة واجبات الرقابة على ارتكاب الجريمة نفسها.
هذه القاعدة ذات أهمية قصوى. فهي توضح أن المسؤولية الجنائية لعضو مجلس الرقابة عن المشاركة بالإهمال (المادة 110 من القانون الجنائي فيما يتعلق بالمادة 40، الفقرة 2، من القانون الجنائي) لا يمكن افتراضها. أي، لا يكفي ملاحظة أن عضو مجلس الرقابة لم يمارس واجباته العامة في الرقابة وأنه في غضون ذلك ارتكبت جريمة إفلاس. تتطلب المحكمة تحليلًا أكثر عمقًا وواقعية. يجب إثبات، من ناحية، أن عضو مجلس الرقابة كان لديه صلاحيات محددة، فعلية وليست نظرية بحتة، لمنع تلك الجريمة المعينة، ومن ناحية أخرى، أن إهماله كان سببًا حاسمًا في ارتكاب الجريمة نفسها. بعبارة أخرى، يجب أن يكون هناك رابط مباشر وواضح بين "عدم فعل" عضو مجلس الرقابة و"فعل" الجريمة.
يستند الحكم إلى إطار قانوني قوي، مستشهدًا، بالإضافة إلى المادتين 40 و 110 من القانون الجنائي، أيضًا بالمادتين 216 و 223 من قانون الإفلاس، اللتين تنظمان على التوالي الإفلاس الاحتيالي وجرائم الإفلاس الأخرى. تحدد هذه المواد السلوكيات النموذجية للجرائم، لكن محكمة النقض، بموجب الحكم 23175/2025، تركز على المشاركة بالإهمال. لتشكيل هذه المسؤولية، تتطلب المحكمة التحقق الصارم من العناصر التالية:
هذا الخط التفسيري ليس جديدًا تمامًا، لكن الحكم 23175/2025 يعززه ويوضحه. بالفعل، حددت أحكام سابقة، مثل تلك المذكورة (رقم 15360 لعام 2010، رقم 20867 لعام 2021، رقم 18985 لعام 2016)، نهجًا أكثر انتقائية، رافضة الافتراضات وتفضل التحقق من العلاقة السببية وإمكانية التدخل الملموسة. وبالتالي، فإن التوجه القضائي يهدف إلى مزيد من التحديد في تقييم الخطأ والسببية في سياق المشاركة بالإهمال.
لهذا الحكم تأثير كبير على كل من أعضاء مجلس الرقابة والشركات. بالنسبة لأعضاء مجلس الرقابة، يمثل هذا الحكم تحذيرًا بعدم الاقتصار على الرقابة الشكلية، بل ممارسة صلاحياتهم بشكل استباقي ومؤثر، وتزويد أنفسهم بالأدوات والمعلومات اللازمة للتدخل بفعالية. في الوقت نفسه، يوفر حماية ضد الاتهامات التلقائية وغير المبررة، ويضع عبء الإثبات على الادعاء العام لإثبات إمكانية المنع الملموسة والعلاقة السببية. بالنسبة للشركات، يعني ذلك أهمية هيكلة حوكمة قوية، مع تدفقات معلومات واضحة وآليات رقابة داخلية تسمح لأعضاء مجلس الرقابة بأداء واجباتهم بفعالية. الوضوح بشأن الصلاحيات والمسؤوليات أمر أساسي لمنع المخالفات وضمان الإدارة السليمة للشركة.
يمثل حكم محكمة النقض رقم 23175 لعام 2025 خطوة مهمة في تحديد مسؤولية أعضاء مجلس الرقابة في حالة الإفلاس الاحتيالي. من خلال تجاوز فكرة المسؤولية التلقائية المرتبطة بمجرد "موقف الضمان"، تتطلب المحكمة تحليلًا صارمًا وواقعيًا، يركز على "الصلاحيات المحددة لمنع وقوع الجريمة" و"التأثير السببي الفعلي" للإهمال. يضمن هذا النهج مزيدًا من الإنصاف، مع تجنب إسناد الأخطاء العامة وتشجيع ممارسة وظائف الرقابة بشكل أكثر وعيًا واستهدافًا في الوقت نفسه. بالنسبة للعاملين في مجال القانون وجميع الفاعلين في الحياة التجارية، يعد هذا الحكم دعوة إلى التقييم الدقيق للظروف والأدوار، من أجل تحقيق عدالة فعالة وعادلة في آن واحد.