في المجال المعقد للقانون الجنائي، تعتبر مسألة التواطؤ في الجريمة أمراً محورياً لتحديد المسؤوليات الفردية. تنص المادة 110 من قانون العقوبات على معاقبة من يتواطأ في نفس الجريمة، ولكن التمييز بين مجرد مشاهد ومتواطئ يمكن أن يكون دقيقاً. تقدم محكمة النقض، في حكمها رقم 24501 المؤرخ 09/04/2025، توضيحاً أساسياً حول كيفية أن مجرد التواجد المادي في مسرح الجريمة يمكن، في ظروف معينة، أن يشكل أركان المشاركة الإجرامية المثالية، أي التواطؤ المعنوي.
فحص حكم محكمة النقض الجنائية، الدائرة الأولى، رقم 24501 لسنة 2025 (الرئيس ج. روكي، المقرر ف. أليفي)، قضية تواطؤ، رافضاً طعن المتهمة ف. ب. م. ل. م. ف. كانت المسألة تتعلق بما إذا كان تواجدها في مسرح الجريمة كافياً لتشكيل شكل من أشكال التواطؤ. أكدت المحكمة العليا مبدأً راسخاً، وهو أن التواجد، حتى لو لم يكن مادياً في التنفيذ، يمكن أن يلعب دوراً حاسماً في تعزيز القصد الإجرامي للمرتكب.
في موضوع التواطؤ في الجريمة، فإن التواجد في مكان تنفيذ الجريمة كافٍ لتشكيل أركان شكل من أشكال المشاركة الإجرامية المثالية، عندما يظهر انضماماً واضحاً وتحفيزاً إضافياً لسلوك المنفذ المادي، مما يوفر له حافزاً للعمل وشعوراً أكبر بالإفلات من العقاب والأمان.
يوضح هذا المبدأ أن التواجد ليس محايداً إذا أظهر "انضماماً واضحاً وتحفيزاً إضافياً" للعمل الإجرامي. لا يتعلق الأمر بفعل مادي مباشر، بل بدعم نفسي يترجم إلى "حافز للعمل" و"شعور أكبر بالإفلات من العقاب والأمان" لمن يرتكب الجريمة. الشخص المتواجد، بسلوكه، ينقل الموافقة أو عدم الاعتراض، مما يعزز تصميم المرتكب ويقلل من مخاوفه. يشكل هذا مساهمة معنوية في الجريمة، مما يجعل الشخص متواطئاً حتى لو لم ينفذ الفعل مادياً.
لقد وضعت السوابق القضائية، والتي أشارت إليها أيضاً أحكام سابقة متوافقة (مثل رقم 28895 لسنة 2020)، معايير للتمييز بين التواجد العرضي البحت والتواجد ذي الصلة الجنائية. من الضروري وجود علاقة سببية بين سلوك المتواطئ المعنوي وتحقيق الجريمة. يجب أن يُنظر إلى التواجد، في الواقع، من قبل المنفذ كعامل تشجيع أو طمأنة.
يؤكد الحكم رقم 24501 لسنة 2025 الصادر عن محكمة النقض أن المسؤولية الجنائية تتجاوز الفعل المادي. حتى التواجد، الذي يبدو سلبياً، يمكن أن يشكل تواطؤاً معنوياً إذا أدى إلى دعم نفسي ملموس للمرتكب، مما يظهر الانضمام ويوفر الحافز والأمان. هذا القرار هو بمثابة تحذير مهم بشأن تعقيد المشاركة الإجرامية ويؤكد على أهمية تقييم كل ظرف لتحديد حدود المسؤولية الجنائية بشكل صحيح، وضمان تطبيق عادل للقانون.