في العصر الرقمي، أصبح الهاتف الذكي امتدادًا لحياتنا، وأرشيفًا حقيقيًا للبيانات الشخصية والاتصالات الخاصة والمعلومات الحساسة. عندما تخضع هذه الأجهزة للمصادرة كدليل في إطار تحقيق جنائي، تنشأ قضايا معقدة تتعلق بحماية الخصوصية والحق في الدفاع. تدخل حديث وهام من محكمة النقض، بالحكم رقم 26372 لعام 2025، أوضح نقطة حاسمة: استمرار الاهتمام بتقديم طلب مراجعة حتى بعد إعادة الهاتف إلى صاحبه، بعد استخراج نسخة جنائية.
المصادرة كدليل هي أداة تحقيق منصوص عليها في المواد 253 وما يليها من قانون الإجراءات الجنائية (c.p.p.)، والتي تسمح للسلطة القضائية بالحصول على الأشياء المتعلقة بالجريمة، اللازمة للتحقق من الحقائق. بينما بالنسبة للأشياء "المادية" قد يبدو المنطق أكثر خطية، بالنسبة للأجهزة الإلكترونية، وخاصة الهواتف الذكية، يصبح الوضع أكثر تعقيدًا. هذه الأدوات، في الواقع، لا تحتوي على "أشياء" بسيطة، بل على كمية هائلة من البيانات الرقمية التي تعكس الحياة الخاصة للفرد. اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية (CEDU)، في المادة 8، تحمي الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية والمراسلات والموطن، وهي مبادئ تجد تطبيقها الكامل أيضًا في السياق الرقمي.
غالبًا، بعد مصادرة هاتف ذكي، يتم استخراج "نسخة جنائية"، أي نسخة متطابقة وغير قابلة للتغيير لجميع البيانات الموجودة على الجهاز. بمجرد الحصول على هذه النسخة، يمكن إعادة الهاتف المادي إلى صاحبه. قد يتساءل المرء: إذا عاد الهاتف إلى حيازة صاحبه، فما هو الاهتمام بالطعن في المصادرة الأصلية؟ بالضبط على هذا السؤال قدمت المحكمة العليا إجابة مضيئة.
القضية التي نظرت فيها محكمة النقض، والتي كان المتهم فيها السيد د. ج. والمدعي العام ل. م. ف.، تتعلق بالضبط بمصادرة هاتف محمول كدليل. ألغت محكمة المراجعة في سافونا جزئيًا دون إحالة الإجراء، لكن مسألة الاهتمام بالطعن كانت موضوع نقاش. أكدت محكمة النقض، بالحكم 26372/2025، مبدأ ذا أهمية أساسية، والذي نقتبسه أدناه:
في حالة المصادرة كدليل لهاتف محمول يحتوي على بيانات معلوماتية، وحتى بعد إعادته إلى صاحبه بعد استخراج "نسخة جنائية"، فإن اهتمامه بتقديم طلب مراجعة للتحقق من وجود الشروط التطبيقية للإجراء، دون الحاجة إلى إثبات يتعلق بالتوفر الحصري لما هو محتوى فيه، قائم بحد ذاته، حيث أن "الهاتف الذكي" هو جهاز مخصص بطبيعته لجمع المعلومات الشخصية والسرية.
هذه الخلاصة ذات أهمية بالغة. فقد اعترفت المحكمة بأن الاهتمام بالطعن في المصادرة (من خلال أداة المراجعة، وفقًا للمادة 324 من قانون الإجراءات الجنائية) يستمر حتى لو تم إعادة الجهاز المادي وتم الحصول على نسخة جنائية منه. الأسباب واضحة وعميقة:
يعزز هذا الحكم بشكل كبير الضمانات للمواطن في سياق التحقيقات الجنائية التي تشمل الأجهزة الرقمية. لم يعد كافيًا للادعاء إعادة الهاتف الذكي لتجنب الرقابة القضائية على شرعية المصادرة. للمشتبه به، أو محاميه، الحق الكامل في مطالبة محكمة المراجعة بالتحقق مما إذا كانت المصادرة تستند بالفعل إلى شروط صحيحة، حتى لو تم نسخ البيانات بالفعل وعاد الهاتف إلى صاحبه.
يتماشى هذا القرار مع اجتهاد قضائي أظهر في السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بحماية الحقوق الأساسية في سياق التحقيق الجنائي، خاصة في مواجهة التحديات التي تطرحها التقنيات الجديدة. يؤكد على أهمية الرقابة القضائية الفعالة على كل إجراء يمكن أن يمس مجال السرية، مما يضمن أن أنشطة التحقيق تتوافق دائمًا مع مبادئ الشرعية والتناسب.
يمثل الحكم رقم 26372 لعام 2025 الصادر عن محكمة النقض نقطة ثابتة في الاجتهاد القضائي الإيطالي فيما يتعلق بالمصادرة كدليل للهواتف الذكية. من خلال تأكيد استمرار الاهتمام بتقديم طلب مراجعة حتى بعد إعادة الجهاز مع نسخة جنائية، أكدت المحكمة العليا على مركزية الحق في الدفاع وحماية الخصوصية. بالنسبة لمن يواجه مصادرة بيانات رقمية، من الضروري أن يكون على دراية بهذه الحقوق والاستعانة بمساعدة قانونية مؤهلة لضمان خضوع كل جانب من جوانب الإجراء للرقابة القضائية الواجبة، وبالتالي حماية مجاله الشخصي والإجرائي.