الطعن أمام محكمة النقض والخبرة القضائية: تفسير الحكم رقم 9455/2025

يُعد النظام القضائي الإيطالي متاهة من القواعد والتفسيرات، حيث يعمل كل حكم صادر عن محكمة النقض كبوصلة لتوجيه العاملين في مجال القانون والمواطنين. ويقع في هذا السياق حكم حديث، وهو الحكم رقم 9455 الصادر بتاريخ 07/03/2025، والذي يقدم توضيحًا أساسيًا بشأن جانب حاسم من الإجراءات الجنائية: إمكانية الطعن أمام محكمة النقض لعدم إجراء خبرة قضائية. وقد أعلن هذا القرار، الذي ترأسه الدكتورة ب. ب. وكان مقرره الدكتورة د. ل.، عدم قبول الطعن المقدم ضد حكم صادر عن محكمة استئناف نابولي، مما يوفر رؤى مهمة حول حدود وشروط قبول أسباب الطعن.

"الدليل الحاسم" في الطعن أمام محكمة النقض: حدود دقيقة

يمثل الطعن أمام محكمة النقض، المنصوص عليه في المادة 606 من قانون الإجراءات الجنائية، الدرجة الأخيرة من التقاضي، ويهدف إلى التحقق من التطبيق الصحيح للقانون. ومن بين أسباب الطعن، تسمح الفقرة د) من البند 1 بالطعن في الحكم لـ "عدم إجراء دليل حاسم". ولكن ما المقصود بالضبط بـ "الدليل الحاسم"؟ يتناول الحكم رقم 9455/2025 هذه المسألة بدقة، مستبعدًا أن عدم إجراء فحص خبرة قضائية يمكن أن يندرج ضمن هذه الفئة.

أكدت المحكمة مبدأً راسخًا، وإن كان غالبًا ما يكون محل نقاش: الخبرة القضائية ليست دليلًا "حاسمًا" بالمعنى المقصود في المادة 606 من قانون الإجراءات الجنائية. وذلك لأن الخبرة القضائية تعتبر وسيلة إثبات "محايدة"، يعود قبولها إلى السلطة التقديرية للقاضي. وبالتالي، فهي ليست دليلًا يمكن للأطراف المطالبة به كحق غير مشروط، وعدم قبولها يمكن أن يبطل الإجراء تلقائيًا إلى درجة تبرير الطعن أمام محكمة النقض بسبب عيب في التسبيب أو انتهاك للقانون.

لا يمكن أن يشكل عدم إجراء فحص خبرة قضائية سببًا للطعن أمام محكمة النقض، وفقًا للمادة 606، البند 1، الفقرة د)، من قانون الإجراءات الجنائية، لأنه لا يندرج ضمن مفهوم الدليل الحاسم، كونه وسيلة إثبات "محايدة"، يعود قبولها إلى السلطة التقديرية للقاضي، وبالتالي فهو خارج نطاق تصرف الأطراف وفقًا للمادة 495، البند 2، من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تشير حصريًا إلى أدلة البراءة ذات الطبيعة الحاسمة.

هذه المقولة لمحكمة النقض توضح الأمر. المفهوم الأساسي هو أن الخبرة القضائية، على الرغم من كونها أداة أساسية لإثبات الوقائع، ليست دليلًا "حاسمًا" بمعنى أن إغفالها يكفي بحد ذاته لإبطال القرار. وطبيعتها كـ "وسيلة إثبات محايدة" تعني أنها ليست بطبيعتها لصالح أو ضد الادعاء أو الدفاع، بل تهدف إلى تزويد القاضي بعناصر فنية لتقييمه. ونتيجة لذلك، فإن قبولها أو رفضها يقع ضمن السلطة التقديرية الكاملة للقاضي، الذي يقرر ما إذا كانت المعرفة الفنية اللازمة للقرار تتطلب مساعدة خبير.

علاوة على ذلك، فإن الإشارة إلى المادة 495، البند 2، من قانون الإجراءات الجنائية أمر بالغ الأهمية. تنص هذه القاعدة على أن القاضي يمكنه رفض قبول الأدلة "غير الضرورية أو غير ذات الصلة"، ولكن الأهم من ذلك هو أن أدلة البراءة "لها طابع حاسم" إذا كان بإمكانها أن تؤدي إلى تبرئة المتهم. ويؤكد الحكم رقم 9455/2025 أن حكم المادة 495 من قانون الإجراءات الجنائية يشير حصريًا إلى أدلة البراءة ذات الطابع الحاسم، بينما الخبرة القضائية، بحكم طبيعتها، ليست دليل براءة تلقائيًا، و"حسمها" ليس مفترضًا بل يجب أن يقيمه القاضي في السياق العام للأدلة.

تداعيات عملية للدفاع والقاضي

للقرار تداعيات عملية هامة. بالنسبة للدفاع، يعني ذلك أن الاستراتيجية الإجرائية لا يمكن أن تعتمد على توقع أن عدم إجراء الخبرة القضائية يمكن أن يفتح تلقائيًا أبواب محكمة النقض. من الضروري:

  • طلب الخبرة القضائية في مرحلة التحقيق: يجب أن يكون الطلب مبررًا، مع إبراز الحاجة الفنية وعدم قدرة القاضي على حل المسألة دون مساعدة خبير.
  • الاعتراض على الرفض المبرر: إذا رفض القاضي الخبرة القضائية، يجب على الدفاع الاعتراض على هذا الرفض بحجج قوية، وإثبات أن المسألة الفنية أساسية ولا يمكن حلها بطريقة أخرى.
  • عدم الخلط بين الخبرة القضائية والأدلة الأخرى: الخبرة القضائية لها خصوصيتها ولا ينبغي مساواتها بأدلة البراءة بالمعنى الضيق للمادة 495 من قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالحسم.

بالنسبة للقاضي، يؤكد الحكم على السلطة التقديرية الواسعة في تقييم قبول الخبرة القضائية، ولكنه في الوقت نفسه يلزمه بتسبيب قوي في حالة الرفض. يجب ألا يكون الرفض تعسفيًا، بل يجب أن يستند إلى قناعة بأن العناصر التي تم الحصول عليها بالفعل أو المعرفة الخاصة بالقاضي كافية للقرار، أو أن الخبرة القضائية المطلوبة غير ضرورية أو غير ذات صلة.

خاتمة: اليقين القانوني ودور القاضي

يساهم الحكم رقم 9455/2025 الصادر عن محكمة النقض في تحديد حدود الطعن الجنائي بدقة أكبر، مما يعزز مبدأ السلطة التقديرية للقاضي فيما يتعلق بقبول الخبرة القضائية. هذا القرار لا يقلل من أهمية التحقق الفني، ولكنه يوضح مكانه المنهجي ضمن الإجراءات الجنائية، ويميزه عن أدلة البراءة التي تتمتع بنظام "حسم" أكثر صرامة لأغراض الطعن. إن الفهم الكامل لهذه الفروق الدقيقة ضروري لضمان دفاع فعال وللتأكد من أن الإجراءات تتم مع احترام الضمانات الإجرائية، مما يساهم في اليقين القانوني في مجال معقد مثل المجال الجنائي.

مكتب المحاماة بيانوتشي