في عالم القانون المعقد، تعتبر دقة القرارات القضائية أمراً أساسياً. ومع ذلك، يمكن أن يظهر الخطأ البشري أيضاً في صياغة القرار. لهذا السبب توجد إجراءات تصحيح الأخطاء المادية، وهي آلية منصوص عليها في المادة 287 من قانون الإجراءات المدنية. أكدت محكمة النقض، بموجب الأمر رقم 17309 المؤرخ في 27 يونيو 2025 (المتعلق بقرار مؤرخ في 16 نوفمبر 2022)، مؤخراً حدود هذه الأداة وأوضحتها، مشددة على أنها لا يمكن أن تؤثر بأي حال من الأحوال على المحتوى المفاهيمي للقرار. مبدأ أساسي لاستقرار القانون.
تم تصميم الإجراء بموجب المادة 287 من قانون الإجراءات المدنية لمعالجة "العيوب" الشكلية التي لا تمس المحتوى المفاهيمي للقرار، مثل الأخطاء المطبعية أو أخطاء الحساب الواضحة. بدلاً من ذلك، فهي ليست أداة لإعادة النظر في جوهر الحكم أو لتصحيح أخطاء الحكم المفترضة. أكدت محكمة النقض، برئاسة الدكتور ف. ت. وبمشاركة الدكتور ر. أ. كمقرر ومحرر، في قضية بين ر. و ف.، هذا التمييز، وهو أمر حاسم لليقين القانوني.
الخلاصة المستخرجة من الأمر رقم 17309/2025 توضح بشكل لا لبس فيه:
إن إجراء التصحيح المنصوص عليه في المادة 287 من قانون الإجراءات المدنية وظيفي لإزالة أخطاء صياغة الوثيقة، والتي تتجلى الأخيرة في عدم تطابق واضح للتعبير المادي للفكر مع المفهوم الكامن وراءه، وبالتالي، في عيب في المطابقة بين التصور وتمثيله الرسومي المادي، ولكنه لا يمكن أن يؤثر بأي حال من الأحوال على المحتوى المفاهيمي للقرار.
هذا القرار أساسي: يهدف التصحيح إلى استعادة الدقة بين فكر القاضي وتعبيره المكتوب، وليس إلى تعديل محتواه. إذا قصد القاضي "أ" ولكنه كتب "ب" عن طريق الخطأ، فإن المادة 287 من قانون الإجراءات المدنية تسمح بالتصحيح. ولكن إذا قرر القاضي عن قصد "ب" ولم توافق عليه جهة ما، فإن العلاج هو الاستئناف العادي، وليس التصحيح. يؤدي الحكم، بما يتماشى مع الأحكام السابقة المتوافقة (رقم 13006 لعام 2003 ورقم 16877 لعام 2020)، إلى حماية استقرار القرارات واليقين القانوني.
لتجنب الطعون غير المقبولة، من الضروري التمييز بين الخطأ المادي وعيب الحكم. الخطأ المادي هو تناقض شكلي، وهو عيب في "التمثيل الرسومي" للفكر. لا يغير المعنى الجوهري للقرار.
على العكس من ذلك، يتعلق عيب الحكم بجوهر المسألة: خطأ في تطبيق القانون، أو في تقييم الأدلة، أو في تكوين قناعة القاضي. بالنسبة لهذه العيوب، فإن العلاج الوحيد هو سبل الاستئناف المنصوص عليها في القانون.
يعزز الأمر رقم 17309 لعام 2025 الصادر عن محكمة النقض ركيزة من نظامنا: استقرار القرارات. إجراء التصحيح هو آلية دقة، مفيدة لمعالجة العيوب الشكلية دون تشويه المحتوى الجوهري. إن الحفاظ على هذا التمييز الواضح أمر أساسي لليقين القانوني والثقة في النظام القضائي، مما يضمن أن كل قرار، على الرغم من إمكانية تصحيحه في عيوبه المادية، يحتفظ بقيمته المفاهيمية وقوته الملزمة سليمة.