في عالم القانون العقاري المعقد، تعتبر القواعد التي تحكم التعايش داخل المبنى المشترك أمراً أساسياً. ومن بين هذه القواعد، يمكن أن تفرض لوائح المباني المشتركة، وخاصة تلك ذات الطبيعة التعاقدية، قيوداً كبيرة على استخدام الممتلكات الفردية. ولكن ماذا يحدث عندما يتم بيع عقار بهذه القيود؟ هل هذه البنود ملزمة تلقائياً للمشتري الجديد؟ لتوضيح هذه النقطة الحاسمة، تتدخل محكمة النقض بحكمها رقم 15341 بتاريخ 09/06/2025، والذي يحلل بعمق شروط قابلية هذه القيود للاحتجاج على الغير، مع التركيز على التسجيل الصحيح.
لائحة المبنى المشترك، وخاصة ما يسمى بـ "التعاقدية"، هي أداة أساسية لإدارة الحياة في المبنى المشترك. على عكس اللائحة التي تقرها الجمعية العمومية، والتي تنظم جوانب أكثر مرونة مثل استخدام الأجزاء المشتركة أو الحفاظ على المظهر العام، يمكن أن تحتوي اللائحة التعاقدية على بنود تقيد حقوق الملاك الأفراد على ممتلكاتهم الحصرية. هذه القيود، التي غالباً ما تمنع استخدام وحدة عقارية واحدة أو أكثر لأغراض معينة (على سبيل المثال، الأنشطة المزعجة، التجارية، أو مهن محددة)، لها طبيعة "حقوق ارتفاق متبادلة" حقيقية. هذا يعني أن كل مالك يتحمل عبئاً على وحدته العقارية لصالح جميع الوحدات الأخرى، وفي نفس الوقت يستفيد من قيد مماثل على ممتلكات الآخرين.
تتعلق المسألة الرئيسية التي تناولتها المحكمة العليا بقابلية هذه البنود المقيدة للاحتجاج على الغير. بعبارة أخرى، إذا قام مالك ببيع شقته، فهل المشتري الجديد ملزم تلقائياً باحترام قيود الاستخدام التي تفرضها اللائحة التعاقدية، حتى لو لم يكن على علم مباشر بها وقت الشراء؟ الإجابة من محكمة النقض، بالحكم رقم 15341 لسنة 2025، واضحة وتستند إلى مبدأ أساسي في نظامنا القانوني: الإعلان العقاري من خلال التسجيل.
إن قابلية البنود الواردة في لوائح المباني المشتركة للاحتجاج على المشترين من الغير، والتي تمنع استخدام وحدة عقارية واحدة أو أكثر مملوكة حصرياً لغرض معين، وتشكل حقوق ارتفاق متبادلة، تخضع لتسجيل هذا القيد، وفقاً للقواعد السارية في وقت إجرائه، وبالتالي: عن طريق الإشارة، في مذكرة تسجيل منفصلة عن مذكرة عقد الشراء، إلى البنود المقيدة المحددة، وفقاً للمادة 17، الفقرة 3، من القانون رقم 52 لسنة 1985؛ قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ، عن طريق الإشارة إليها في مذكرة التسجيل الوحيدة المقدمة للبيع، وفقاً للمادتين 2659، الفقرة 1، البند 2، و 2665 من القانون المدني؛ لا يكفي لهذا الغرض الإشارة العامة إلى اللائحة نفسها؛ في ظل سريان أحكام المادة 1940 من القانون المدني لعام 1865، بشرط أن يكون محتوى مذكرة التسجيل يحدد طبيعة حق الارتفاق المتبادل المبرم في وقت البيع والأراضي التي يتعلق بها.
هذه الخلاصة ذات أهمية قصوى لأنها تنص على أن مجرد الإشارة إلى لائحة المبنى المشترك في عقد الشراء لا يكفي لجعل البنود المقيدة قابلة للاحتجاج على المالك الجديد. تؤكد المحكمة في الواقع أن صلاحية هذه القيود تجاه الغير ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإعلانها الصحيح في السجلات العقارية. ألغت المحكمة الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف التي اعتبرت بنداً يمنع استخدام عقار كمدرسة موسيقى قابلاً للاحتجاج على "د." (المشتري من الغير). في الحالة المحددة، أشار عقد البيع لعام 1938 إلى معرفة وقبول لائحة المبنى المشترك المسجلة في عام 1937، لكن محكمة النقض طلبت التحقق مما إذا كانت مذكرة التسجيل قد حددت ليس فقط وجود اللائحة، بل أيضاً البند المقيد نفسه. هذا يوضح مدى أهمية الدقة في التسجيل.
تميز المحكمة العليا بوضوح بين طرق التسجيل حسب الفترة التي تمت فيها:
مبدأ التسجيل، المنصوص عليه في المادتين 2643 وما بعدها من القانون المدني، هو حجر الزاوية في نظام الإعلان العقاري الإيطالي. وظيفته هي جعل بعض التصرفات القانونية متاحة للجمهور، مما يجعلها قابلة للاحتجاج على الغير. بدون تسجيل صحيح، قد لا ينتج تصرف، على الرغم من صحته بين الأطراف، آثاراً تجاه من لم يكن على علم به واكتسب حقوقاً على نفس العقار. في سياق حقوق الارتفاق في المباني المشتركة، هذا يعني أن المشتري الذي لا يجد إشارة صريحة للقيد في السجلات العقارية لا يمكن اعتباره ملزماً، حتى لو كان البائع على علم به.
يعزز هذا الحكم الحاجة إلى بذل عناية فائقة من قبل من يشتري عقاراً ومن يقوم بصياغة عقود البيع. مجرد معرفة لائحة المبنى المشترك، أو الإشارة العامة إليها، لا يضمن قابلية الاحتجاج. إن التسجيل المحدد والمفصل للبنود المقيدة الفردية هو الذي يمنحها فعالية كاملة تجاه الجميع، بما في ذلك المشترين المستقبليين.
يمثل حكم محكمة النقض رقم 15341 لسنة 2025 تحذيراً هاماً لجميع الجهات الفاعلة في سوق العقارات. بالنسبة للمشترين المحتملين، من الضروري عدم الاكتفاء بقراءة لائحة المبنى المشترك، بل طلب التحقق الدقيق من مذكرات التسجيل المتعلقة بالعقار واللائحة نفسها، للتأكد من وجود الإعلانات الصحيحة لأي بنود مقيدة. بالنسبة للبائعين والمهنيين في هذا المجال (كتاب العدل والمحامين ووكلاء العقارات)، من الضروري ضمان تسجيل كل قيد على الملكية بشكل صحيح، وذلك لضمان اليقين القانوني وتجنب النزاعات المستقبلية. فقط التسجيل الدقيق والمتوافق مع القوانين السارية يمكن أن يحمي بشكل كامل حقوق جميع الأطراف المعنية، مما يضمن الشفافية والأمان في المعاملات العقارية.