في المشهد المعقد للقانون الجنائي، يمثل مبدأ الارتباط بين الاتهام والحكم ضمانة أساسية للمتهم، مما يضمن أن القرار النهائي للقاضي يستند حصريًا إلى الوقائع المحددة والتي تمكن المتهم من الدفاع عن نفسه. ولكن ماذا يحدث عندما يختل هذا الارتباط، وكيف يجب على المحاكم التصرف؟ يقدم حكم حديث وهام صادر عن محكمة النقض، وهو الحكم رقم 22597 لعام 2025 (المودع بتاريخ 16/06/2025)، توضيحًا حاسمًا لمسألة إجرائية ذات أهمية كبيرة، حيث يحدد حدود إلزام محكمة الاستئناف بالإلغاء في حالة براءة المتهم.
مبدأ الارتباط بين الاتهام والحكم، المنصوص عليه في المادتين 521 و 522 من قانون الإجراءات الجنائية، هو أحد ركائز نظامنا القضائي. فهو يفرض على القاضي عدم إصدار حكم إدانة بشأن واقعة مختلفة عن الواقعة المنسوبة للمتهم في أمر الإحالة إلى المحاكمة أو في أمر الاستدعاء المباشر. هذه الضمانة تحمي حق المتهم في الدفاع، الذي يجب أن يكون في وضع يسمح له بمعرفة التهمة للدفاع عن نفسه بشكل مناسب. يمكن أن يؤدي انتهاك هذا المبدأ إلى عيوب إجرائية خطيرة، تصل إلى حد إلغاء الحكم.
القضية المحددة التي فحصتها محكمة النقض (الرئيس ف. د. ن.، المقرر أ. س.) تتعلق بالمتهم ب. م.، الذي تم رفض طعنه ضد قرار صادر عن محكمة استئناف تورينو (بتاريخ 14/10/2024). تركزت المسألة المركزية على وضع حساس: عدم وجود ارتباط بين الاتهام الأصلي والواقعة التي ظهرت في المحاكمة، والتي لم يلاحظها قاضي الدرجة الأولى، ولكنها أصبحت واضحة في الاستئناف. في هذا السيناريو، اختارت محكمة الاستئناف البراءة المباشرة للمتهم لعدم وجود اتهام، بدلاً من إلغاء حكم الدرجة الأولى وإصدار أمر بإحالة الملفات. كان السؤال هو ما إذا كان هذا التصرف صحيحًا أم أن هناك التزامًا على قضاة الدرجة الثانية بإلغاء القرار السابق.
إن عدم وجود ارتباط بين الواقعة المذكورة في أمر الإحالة إلى المحاكمة، أو في الطلب أو في أمر الاستدعاء المباشر، والواقعة التي ظهرت في المحاكمة، والتي لم يلاحظها قاضي الدرجة الأولى أو ظهرت في محاكمة الاستئناف، لا يفرض على قاضي الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف الذي قضى بالبراءة المباشرة للمتهم لعدم وجود اتهام، نظرًا لأن هذا، كونه يعادل حكمًا بالبراءة في الموضوع، وقابلًا لعدم القابلية للاستئناف، لا يسبب أي ضرر لأنه أكثر فائدة مقارنة باعتماد أمر إحالة الملفات لعدم تطابق المطلوب مع ما تم الحكم به.
رفضت المحكمة العليا، بالحكم رقم 22597 لعام 2025، الطعن، مؤكدة مبدأ أساسيًا: لا يوجد إلزام بإلغاء حكم الدرجة الأولى عندما قضت محكمة الاستئناف بالبراءة المباشرة للمتهم لعدم وجود اتهام. يستند هذا القرار إلى منطق لا تشوبه شائبة: البراءة لعدم وجود اتهام هي في الواقع حكم بالبراءة في الموضوع، وهو حكم غير قابل للاستئناف. هذا النتيجة، في كل الأحوال، أكثر فائدة للمتهم مقارنة بإلغاء الحكم وإحالة الملفات، مما سيؤدي إلى إطالة أمد التقاضي وزيادة عدم اليقين القضائي. لذلك، فضلت محكمة النقض النتيجة الأكثر ضمانًا للمتهم، متجنبة الإجراءات الشكلية التي من شأنها فقط تأخير الإنهاء النهائي للإجراءات.
يتماشى قرار محكمة النقض مع التوجهات السابقة (انظر، على سبيل المثال، الملخصات رقم 43336 لعام 2016 ورقم 36155 لعام 2019) التي تهدف إلى الموازنة بين متطلبات ضمان المحاكمة العادلة ومتطلبات السرعة والنهائية. يؤكد نهج المحكمة على أنه في ظروف معينة، فإن الحماية الموضوعية للمتهم لها الأسبقية على التطبيق الصارم للإجراءات التي، على الرغم من أنها منصوص عليها، ستكون أقل فائدة للطرف الأضعف في العملية. يؤدي هذا التفسير إلى فوائد مختلفة:
يوضح هذا التفسير لمبدأ الارتباط حساسية الفقه القضائي تجاه التطبيق العملي للحقوق الأساسية للمتهم، بما يتماشى مع مبادئ المحاكمة العادلة المعترف بها أيضًا على المستوى الأوروبي.
يمثل الحكم رقم 22597 لعام 2025 الصادر عن محكمة النقض توضيحًا هامًا في مسألة الارتباط بين الاتهام والحكم في الإجراءات الجنائية. إنه يعزز التوجه الذي مفاده أنه في مواجهة البراءة المباشرة للمتهم في الاستئناف لعدم وجود اتهام، فإن إلغاء حكم الدرجة الأولى ليس إلزامًا. هذا التفسير لا يبسط الإجراء القضائي فحسب، بل يعزز أيضًا حماية المتهم، ويضمن له نتيجة نهائية ومواتية دون أعباء إجرائية إضافية. مثال سليم على كيف يمكن للفقه القضائي أن يتطور لضمان مزيد من الكفاءة والعدالة الموضوعية.