تمثل مذكرة التوقيف الأوروبية (MAE) أداة أساسية للتعاون القضائي بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى تبسيط وتسريع تسليم الأشخاص المطلوبين لأغراض الملاحقة القضائية أو تنفيذ عقوبة. تعتمد فعاليتها على التحديد الواضح لأدوار وحدود السلطات القضائية المعنية. في هذا السياق، يأتي القرار الأخير والمهم لمحكمة النقض، الحكم رقم 23030 بتاريخ 16 يونيو 2025، الذي قدم توضيحات هامة حول صلاحيات محكمة الاستئناف الإيطالية في قرار التسليم.
تم تقديم مذكرة التوقيف الأوروبية في إيطاليا بموجب القانون رقم 69 بتاريخ 22 أبريل 2005، وهي تستند إلى مبدأ الاعتراف المتبادل بالقرارات القضائية، وهو ركيزة أساسية لمنطقة الحرية والأمن والعدالة في الاتحاد الأوروبي. يعني هذا المبدأ أن القرارات الصادرة عن سلطة قضائية في دولة عضو يجب أن تعترف بها وتنفذها سلطة قضائية في دولة عضو أخرى بأقل قدر من الإجراءات. تقع على عاتق محكمة الاستئناف، بصفتها سلطة قضائية التنفيذ، مهمة التحقق من استيفاء المتطلبات الشكلية لمذكرة التوقيف الأوروبية وعدم وجود أسباب رفض إلزامية أو اختيارية، المنصوص عليها في المادتين 17 و 18 من القانون رقم 69/2005. من الضروري فهم أن هذه الآلية صُممت لتكون سريعة وتعتمد على الثقة، وتجنب إعادة تقييم جوهر الاتهام من قبل دولة التنفيذ.
تعلق الأمر الذي أدى إلى قرار محكمة النقض بقضية مذكرة توقيف أوروبية صادرة بحق L. N. طلبت محكمة استئناف باري، التي عُهد إليها بقرار التسليم، من الدولة المصدرة إرسال قرار الاحتجاز، بهدف تقييم ما يسمى بـ "خطورة الأدلة"، أي وجود أدلة إدانة قوية ضد المتهم. هذا الطلب، على الرغم من أنه يبدو يهدف إلى توفير ضمانات أكبر، تعارض مع طبيعة وهدف مذكرة التوقيف الأوروبية، مما أدى إلى تباطؤ محتمل في الإجراءات وعدم يقين تفسيري بشأن نطاق المعلومات التي يمكن طلبها بموجب المادة 16 من القانون رقم 69/2005. ألغت المحكمة العليا، بموجب الحكم رقم 23030/2025، قرار محكمة استئناف باري مع الإحالة، موضحة بشكل لا لبس فيه حدود هذه السلطة التحقيقية.
فيما يتعلق بمذكرة التوقيف الأوروبية، لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تطلب من الدولة المصدرة، بموجب المادة 16 من القانون رقم 69 بتاريخ 22 أبريل 2005، إرسال قرار الاحتجاز لتقييم خطورة الأدلة، حيث أن هذا عنصر غير ذي صلة بقرار التسليم، وبالتالي، إذا تم إرسال طلب معلومات تكميلية بهذا الشأن، فإن عدم الاستجابة لا يمكن أن يشكل سببًا مشروعًا لرفض التسليم نفسه.
هذه الخلاصة تجسد مبدأ أساسيًا: في إطار مذكرة التوقيف الأوروبية، لا يجوز لمحكمة الاستئناف الإيطالية أن تطلب من الدولة المصدرة قرار الاحتجاز بهدف إعادة تقييم خطورة الأدلة. السبب واضح ويكمن في منطق مذكرة التوقيف الأوروبية نفسها: تقييم خطورة الأدلة هو مهمة حصرية للدولة التي أصدرت المذكرة. دولة التنفيذ، وفي هذه الحالة إيطاليا، لا يجب ولا يمكنها الدخول في جوهر الاتهام، بل يجب أن تقتصر على التحقق من الامتثال الشكلي للمذكرة وعدم وجود أسباب رفض منصوص عليها في القانون. لذلك، حتى لو تم إرسال مثل هذا الطلب للمعلومات التكميلية عن طريق الخطأ، فإن عدم الاستجابة المحتملة من الدولة الطالبة لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير رفض التسليم. وذلك لأن العنصر موضوع الطلب، بطبيعته، غير ذي صلة بقرار التسليم.
قرار محكمة النقض، برئاسة D. A. G. ومستشارها D. G. P.، ذو أهمية بالغة للتطبيق الصحيح لمذكرة التوقيف الأوروبية وللحفاظ على مبادئ الثقة والاعتراف المتبادل التي تقوم عليها. الآثار متعددة وهامة:
هذا النهج ضروري لضمان أن يكون التعاون القضائي في أوروبا فعالاً ويمكن التنبؤ به، دون أن يتحول إلى فرصة لإعادة تقييم القرارات التي اتخذتها بالفعل سلطات قضائية في دول أعضاء أخرى.
يمثل الحكم رقم 23030 لعام 2025 الصادر عن محكمة النقض نقطة ثابتة في الاجتهاد القضائي الإيطالي بشأن مذكرة التوقيف الأوروبية. يوضح بشكل قاطع أن تقييم خطورة الأدلة لا يقع ضمن صلاحيات محكمة الاستئناف في قرار التسليم، مما يعزز مبدأ الاعتراف المتبادل ويضمن مزيدًا من السرعة والفعالية للتعاون القضائي الدولي. بالنسبة للعاملين في مجال القانون، هذا القرار هو تذكير أساسي بالطبيعة الفريدة لمذكرة التوقيف الأوروبية وضرورة الالتزام الصارم بمبادئها الأساسية، وتجنب التفسيرات الموسعة التي قد تقوض وظيفتها. العدالة، في أوروبا بلا حدود، تقوم أيضًا على الثقة المتبادلة واحترام قرارات الآخرين.