العدالة نظام معقد، في حوار مستمر بين التشريعات الوطنية والمبادئ فوق الوطنية. مثال صارخ على هذا التفاعل هو الحكم الأخير لمحكمة النقض، الحكم رقم 27003 بتاريخ 18 يونيو 2025، والذي قدم توضيحات أساسية حول تطبيق المادة 628-bis من قانون الإجراءات الجنائية. يقدم هذا المعيار آلية تصحيحية حاسمة للمواطنين الذين يعتقدون أن حقوق الإنسان الخاصة بهم قد تم انتهاكها، والتي اعترفت بها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، ضمن إجراءات جنائية إيطالية. دعونا نحلل نطاق هذا القرار وتداعياته العملية.
تمثل المادة 628-bis من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تم إدخالها بهدف ضمان التنفيذ الفعلي لأحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ركيزة أساسية في نظام حماية الحقوق الفردية. يسمح هذا الحكم بإزالة الآثار الضارة الناجمة عن قرار قضائي إيطالي عندما تثبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان انتهاكًا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. من الناحية العملية، إذا قررت محكمة ستراسبورغ أن إجراءً إيطاليًا لم يكن عادلاً أو انتهك حقًا أساسيًا، فيمكن للمدان أن يطلب إزالة أو تعديل آثار هذا الحكم.
ومع ذلك، فإن قبول هذا الطلب ليس تلقائيًا. يتطلب المعيار، والفقه الذي يفسره، إثبات "تأثير فعلي" للانتهاك على القرار الصادر ضد مقدم الطلب. وهذا بالضبط هو المفهوم الذي يقدم فيه حكم محكمة النقض رقم 27003/2025 تفسيرًا ذا أهمية خاصة، مما يوسع نطاق الحماية.
حددت محكمة النقض، في الحكم قيد النظر (رقم 27003 لعام 2025)، بشكل أكثر دقة ما يعنيه "التأثير الفعلي للانتهاك الاتفاقي، من حيث الطبيعة والخطورة، على القرار الصادر ضد مقدم الطلب". يمكن العثور على هذا الشرط المسبق في سيناريوهين متميزين، أوضحهما المحكمة العليا لتقديم حماية أوسع وأكثر جوهرية للمتهم:
هذا التفسير الموسع أساسي، لأنه يعترف بأن انتهاك حقوق الإنسان يمكن أن يغير مسار العدالة حتى دون تحديد انعكاس كامل للحكم، ولكنه ببساطة يمنع نتيجة أكثر عدلاً أو أقل عبئًا.
فيما يتعلق بسبل الانتصاف لتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن قبول الطلب يتطلب، بموجب المادة 628-bis، الفقرة 5، من قانون الإجراءات الجنائية، التأثير الفعلي للانتهاك الاتفاقي، من حيث الطبيعة والخطورة، على القرار الصادر ضد مقدم الطلب، وهو شرط مسبق يمكن العثور عليه سواء في حالة ما إذا كانت نتيجة الإجراء، في غياب الانتهاك المدعى، ستكون معاكسة، أو في حالة ما إذا كانت النتيجة النهائية، في غيابها، ستكون مختلفة ومواتية بشكل محتمل للمتهم. (حالة قامت فيها المحكمة بقبول طلب إلغاء حكم الإدانة الصادر عن قاضي الاستئناف بناءً على شهادات أدت، في نهاية الحكم الابتدائي، إلى تبرئة المتهم، ولكن دون إجراء التجديد الواجب لفحص نفس الشهادات).
الخلاصة من الحكم رقم 27003 لعام 2025، والمقدمة هنا، مضيئة. تخبرنا أنه ليس من الضروري أن يضمن انتهاك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بنسبة 100٪ نتيجة مختلفة، بل يكفي أنه منع نتيجة "مختلفة ومواتية بشكل محتمل". تتعلق الحالة المحددة التي أدت إلى هذا الحكم بطلب إلغاء حكم إدانة صادر في الاستئناف. استندت الإدانة إلى شهادات أدت، في الدرجة الأولى، إلى تبرئة المتهم، السيدة س. د. النقطة الحرجة هي أن قاضي الاستئناف لم يجدد فحص هؤلاء الشهود أنفسهم، وهو إغفال اعتبرته محكمة النقض بوضوح انتهاكًا للحق في محاكمة عادلة. هذا هو تذكير مباشر بالمادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحمي الحق في محاكمة عادلة، وبمبدأ المواجهة، وهو ركيزة نظامنا الإجرائي الجنائي (فكر في المادة 111 من الدستور). عدم تجديد فحص الشهود، في سياق كانت فيه الشهادات حاسمة للتبرئة في الدرجة الأولى، يشكل مثالًا صارخًا لكيفية أن الانتهاك الإجرائي يمكن أن يكون له تأثير حاسم على النتيجة النهائية.
يمثل الحكم رقم 27003/2025 لمحكمة النقض تطورًا هامًا في الفقه الإيطالي بشأن حماية حقوق الإنسان وتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. من خلال تعزيز مفهوم "التأثير الفعلي"، وسعت المحكمة العليا إمكانيات المدانين للحصول على مراجعة الأحكام المعيبة بانتهاكات اتفاقية، حتى عندما لا تكون النتيجة البديلة مؤكدة ولكنها "محتملة" أكثر ملاءمة. لا يؤكد هذا التوجه الفقهي على أهمية الحوار بين النظام الداخلي وفوق الوطني فحسب، بل يوفر أيضًا ضمانًا أكبر للعدالة للمتهم، مع التركيز على الحاجة إلى إجراء عادل يحترم جميع الحقوق الأساسية. إنه تذكير للقضاة الوطنيين بالنظر دائمًا في تأثير قراراتهم على الحقوق الاتفاقية، وإشارة إيجابية لأولئك الذين يبحثون عن الحماية حتى بعد الإدانة النهائية.