القانون الجنائي الإيطالي، بهيكله التنظيمي المعقد، مدعو باستمرار لمواجهة الأشكال المتغيرة للجريمة، وخاصة الجريمة المنظمة. في هذا السياق، تلعب الاجتهادات القضائية دورًا أساسيًا في تحديد حدود وتطبيق القواعد. الحكم رقم 27809 الصادر عن محكمة النقض، والمودع في 29 يوليو 2025، يندرج ضمن هذا النقاش، مقدمًا توضيحات أساسية حول تطبيق التشديد المنصوص عليه في المادة 416-مكرر.1 من القانون الجنائي في جريمة مخالفة العقوبة المفتعلة.
هذا القرار، برئاسة الدكتور جي. إف. وبإشراف الدكتورة دي. تي.، برفض طعن ضد قرار صادر عن محكمة الحرية في كاتانزارو، ركز على موقف المتهم بي. بي.، الذي كان مطلوبًا للمساءلة عن سلوكيات تهدف إلى تسهيل فرار أحد أبرز أعضاء الجريمة المنظمة. ولكن ما هي، في الواقع، الشروط التي اعتبرت المحكمة العليا ضرورية لتشكيل هذا التشديد؟
لفهم نطاق الحكم رقم 27809/2025 بالكامل، من الضروري استدعاء القواعد الأساسية التي تستند إليها القضية. جريمة "مخالفة العقوبة المفتعلة"، المنصوص عليها في المادة 390 من القانون الجنائي، تعاقب كل من يساعد شخصًا مدانًا أو معتقلًا على التهرب من تنفيذ عقوبة أو أمر اعتقال. إنها جريمة تحمي إدارة العدالة، وتضمن فعالية القرارات القضائية.
إلى هذه الفئة تضاف "تشديد تسهيل الارتباط من النوع المافياوي"، الذي تم إدخاله بموجب المادة 416-مكرر.1 من القانون الجنائي. ينص هذا الحكم على زيادة العقوبة عندما تُرتكب جريمة، بحد ذاتها مستقلة، بهدف تسهيل نشاط منظمة مافياوية. هذه قاعدة أساسية في مكافحة الجريمة المنظمة، تهدف إلى معاقبة ليس فقط الأعضاء المباشرين للعصابات، بل أيضًا أولئك الذين، على الرغم من عدم انتمائهم إليها، يدعمون عملياتها. الحكم قيد النظر يتعامل مع تحديد دقيق لكيفية ومتى يمكن تطبيق هذا التشديد على جريمة مخالفة العقوبة المفتعلة.
يكمن جوهر قرار محكمة النقض في التعريف الصارم للشروط الإثباتية اللازمة لتطبيق التشديد المافياوي. قضت المحكمة بأنه لا يكفي مجرد تسهيل عام لهارب، بل يلزم دليل أكثر تحديدًا وتفصيلاً. إليكم الملخص الذي يلخص المبدأ المعبر عنه:
في موضوع مخالفة العقوبة المفتعلة، لغرض تطبيق تشديد الهدف المتمثل في تسهيل الارتباط من النوع المافياوي، من الضروري أن تسمح الأدلة التي تم جمعها بإثبات ليس فقط وعي المتهم بهوية الزعيم المسهل وخصائصه المحددة، بل أيضًا أن الأخير، خلال فترة التسهيل الذي تم الحصول عليه، ظل يمتلك، بناءً على فرضية إعادة بناء راسخة، القدرة على الاستمرار في قيادة الارتباط المعني. (حالة اعتبرت فيها المحكمة أن التشديد يتعلق بسلوك المتهم الذي، من خلال إعداد "ملجأ" مزود بأنظمة أمنية، ضمن المراقبة والمساعدة المادية وسرية الاجتماعات للهارب، والتي كانت وظيفية لأداء دوره القيادي في التنظيم المافياوي المحلي).
هذا المقطع ذو أهمية بالغة. تؤكد المحكمة في الواقع على شرطين أساسيين يجب على الادعاء إثباتهما لتشكيل التشديد:
يقدم الحكم أيضًا مثالًا ملموسًا لهذه الحالة. في القضية المحددة، اعتبرت المحكمة أن التشديد قائم لأن المتهم بي. بي. قد أعد "ملجأ" حقيقيًا بأنظمة أمنية متقدمة. لم يقتصر هذا الهيكل على توفير مأوى بسيط، بل ضمن للهارب المراقبة والمساعدة المادية، والأهم من ذلك، السرية اللازمة لعقد الاجتماعات والحفاظ على دوره القيادي في المنظمة المافياوية المحلية. وبالتالي، لم يكن هذا السلوك مجرد عمل تضامن، بل مساهمة نشطة وواعية في الحفاظ على السلطة المافياوية.
يعزز قرار محكمة النقض، بما يتماشى مع التوجهات السابقة (مثل الجلسات المشتركة رقم 8545 لعام 2020)، مبدأ أن تطبيق التشديد المافياوي لا يمكن أن يكون تلقائيًا، بل يجب أن يستند إلى تقييم دقيق وصارم للإطار الإثباتي. هذا يعني أن الادعاء يتحمل عبء إثبات ليس فقط سلوك التسهيل، بل أيضًا الرابط الغائي بين هذا السلوك وهدف تسهيل الارتباط المافياوي، من خلال إثبات الشرطين الموضحين أعلاه.
هذا التفسير له تداعيات عملية هامة. من ناحية، يوفر للمحققين والقضاة معايير أكثر دقة لتقييم خطورة سلوكيات التسهيل. من ناحية أخرى، يضمن حماية أكبر للمتهمين، مما يمنع تطبيق التشديد في غياب دليل ملموس وقوي على الارتباط بالجريمة المنظمة واستمرار الدور القيادي للهارب.
يمثل الحكم رقم 27809/2025 الصادر عن محكمة النقض نقطة ثابتة في الاجتهادات القضائية المتعلقة بالجرائم ضد إدارة العدالة ومكافحة المافيا. يؤكد على ضرورة تحليل معمق لسلوك الفاعل والسياق الذي يندرج فيه، خاصة عند استدعاء تشديد هام مثل ذلك المنصوص عليه في المادة 416-مكرر.1 من القانون الجنائي. تتطلب مكافحة الجريمة المنظمة أدوات تنظيمية فعالة، ولكن يجب أن يتم تطبيقها دائمًا مع احترام مبادئ الشرعية والتحقيق الصارم في المسؤولية الجنائية. فهم هذه الفروق الدقيقة ضروري لكل من يعمل في المجال القانوني أو يهتم بديناميكيات القانون الجنائي.