يتطلب القانون الجنائي، بتعدد جوانبه، اهتمامًا مستمرًا ليس فقط بالمرحلة الإجرائية لإثبات المسؤولية، بل وأساسًا بالمرحلة التنفيذية. وفي هذه المرحلة تحديدًا، التي غالبًا ما تكون معقدة وغنية بالآثار العملية، تبرز قضايا ذات أهمية أساسية للتطبيق الصحيح للعدالة. ومن بين المشكلات الأكثر نقاشًا مسألة اختصاص قاضي التنفيذ، خاصة عندما يجد شخص نفسه مسؤولاً عن عدة إدانات نهائية. وفي هذا الموضوع الحساس، قدمت محكمة النقض، بموجب الحكم رقم 10787 المؤرخ 20/02/2025 (المودع بتاريخ 18/03/2025)، توضيحًا أساسيًا، محددة بدقة حدود هذا الاختصاص فيما يتعلق بإلغاء الأمر الجنائي بالإدانة.
لنتخيل موقفًا حيث يكون لدى فرد، لنسميه إم. آر.، قد تراكمت عليه عدة إدانات بمرور الوقت، كل منها ناتج عن إجراء منفصل وتجمد في "سند تنفيذي" مختلف. ومن بين هذه، قد يكون هناك أيضًا أمر جنائي بالإدانة، وهو قرار صادر بدون محاكمة، غالبًا لجرائم أقل خطورة، ولكنه نهائي وبالتالي يخضع للتنفيذ. ماذا يحدث إذا طلب إم. آر. إلغاء أحد هذه الأوامر الجنائية؟ إلى أي قاضٍ يجب أن يلجأ؟ الإجابة ليست دائمًا بديهية، واضطرت السوابق القضائية إلى التدخل عدة مرات لضمان التوحيد والاتساق للنظام.
ينظم قانون الإجراءات الجنائية، وخاصة المواد 665 وما يليها، شخصية قاضي التنفيذ، مع إسناد مهمة حل جميع القضايا التي تنشأ في المرحلة التي تلي الإدانة النهائية. ومع ذلك، في وجود تعدد السندات، يصبح اختيار القاضي المختص حاسمًا لتجنب التأخير والصراعات وعدم اليقين القانوني.
قدمت المحكمة العليا، في الحكم قيد النظر، حلاً واضحًا وحاسمًا. وينص مبدأ الحكم، الذي يستحق أن يُذكر بالكامل لأهميته، على ما يلي:
في مجال التنفيذ، يعود الاختصاص بالبت في إلغاء أمر جنائي بالإدانة، في حالة تعدد السندات التنفيذية ضد نفس الشخص، إلى القاضي الذي أصدر القرار الذي أصبح نهائيًا أخيرًا، حتى لو لم يكن الأمر الجنائي المراد إلغاؤه قد صدر عنه.
هذا القرار ذو أهمية قصوى. دعونا نحلل معناه. تقرر محكمة النقض، برئاسة جي. إس. ومقرر إيه. سي.، أنه عندما تكون هناك عدة إدانات نهائية (سندات تنفيذية) ضد نفس الشخص، فإن الاختصاص بإلغاء أمر جنائي لا يعود بالضرورة إلى القاضي الذي أصدره. بل، تنتقل الكرة إلى القاضي الذي أصدر القرار الذي أصبح نهائيًا أخيرًا. هذا يعني أن المعيار لم يعد إصدار الأمر الفردي، بل المعيار الزمني لنهائية السند الأخير.
يهدف هذا التفسير إلى تركيز القرارات التنفيذية في يد هيئة قضائية واحدة، مما يضمن رؤية شاملة للوضع الإجرائي للمدان وتجنب تشتت الاختصاصات بين مختلف المكاتب القضائية. إنه مبدأ للاقتصاد الإجرائي واليقين القانوني، يهدف إلى تبسيط إدارة العدالة وحماية وضع المدان.
يقع قرار محكمة النقض ضمن إطار تنظيمي وقضائي راسخ بالفعل، ولكنه يضيف عنصرًا أساسيًا لحل حالات عدم اليقين. فيما يلي الآثار العملية الرئيسية:
تم توقع هذا النهج من قبل السوابق القضائية السابقة (مثل الأحكام المشار إليها، على سبيل المثال رقم 27160 لعام 2024 أو رقم 46612 لعام 2019) التي كانت تميل بالفعل نحو تركيز الاختصاصات التنفيذية لأسباب تتعلق بكفاءة النظام واتساقه.
يمثل الحكم رقم 10787/2025 لمحكمة النقض خطوة مهمة إلى الأمام في تحديد معايير اختصاص قاضي التنفيذ في المواقف المعقدة. من خلال توفير معيار واضح - وهو معيار القرار النهائي الأخير - لا تحل المحكمة العليا نزاعًا محتملاً في الاختصاص فحسب، بل تساهم أيضًا في جعل المرحلة التنفيذية للعقوبة أكثر كفاءة وقابلية للتنبؤ. بالنسبة للمهنيين القانونيين والمواطنين، يوفر هذا القرار مزيدًا من اليقين، مما يبسط تحديد المحكمة المختصة ويضمن إدارة أكثر عقلانية لإجراءات إلغاء الأمر الجنائي. يظل مكتبنا القانوني دائمًا منتبهًا لهذه التطورات القضائية، لتقديم أفضل حماية ممكنة لموكليه في كل مرحلة من مراحل الإجراءات الجنائية.