عدم صلاحية الإفادات: محكمة النقض توضح المعايير بقرارها رقم 9473/2025

في مجال القانون الجنائي، تعد حماية الضمانات الفردية ركيزة أساسية، لا سيما الحق في عدم تجريم الذات والحق في المساعدة القانونية منذ التحقيقات الأولية. لطالما كانت مسألة صلاحية الإفادات المقدمة من قبل شخص كان ينبغي التحقيق معه، ولكنه استُجوب كشاهد، موضوع نقاش دائم. تتدخل محكمة النقض، بموجب قرارها رقم 9473 المؤرخ في 21 يناير 2025 (والمودع في 7 مارس 2025)، بتوضيح حاسم للمعايير التي تحدد عدم صلاحية هذه الإفادات، مقدمةً بذلك دليلاً قيماً للعاملين في مجال القانون والمواطنين.

مبدأ عدم الصلاحية والمادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية

تعد المادة 63، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية (c.p.p.) قاعدة أساسية لحماية حقوق الدفاع. تنص هذه المادة على عدم الصلاحية المطلقة للإفادات المقدمة من قبل شخص كان ينبغي، منذ البداية، استجوابه كشخص خاضع للتحقيق أو كمتهم. إن السبب لهذا النص واضح: منع قوات الشرطة والنيابة العامة من التحايل على ضمانات الدفاع الخاصة بالمتهم (مثل الحق في الصمت أو المساعدة من محامٍ) عن طريق استجواب شخص كشاهد، على الرغم من وجود عناصر تشير إليه بالفعل كمرتكب محتمل للجريمة. لو تم اتباع الإجراءات الصحيحة، لكان للشخص وصول إلى حقوق أساسية حُرم منها. ومع ذلك، فإن السؤال الرئيسي كان دائمًا: متى بالضبط تبدأ هذه "القرائن المحددة على ارتكاب جريمة" التي تفرض معاملة الشخص كمتهم؟

القرار 9473/2025: متى تبدأ قرائن ارتكاب الجريمة؟

يتناول قرار الدائرة الجنائية الثانية لمحكمة النقض، برئاسة الدكتورة ج. ف. وبإشراف الدكتورة أ. م. م.، هذا السؤال تحديدًا. رفضت المحكمة جزئيًا طعن أ. م.، المتهم في إجراء جنائي، وفحصت بشكل خاص الشكوى المتعلقة بعدم صلاحية الإفادات المقدمة من مشتري مخدرات. يؤكد القرار على أن مجرد التورط العام في "قضايا قد تؤدي إلى توجيه اتهامات جنائية" لا يكفي لتفعيل عدم الصلاحية بموجب المادة 63، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية. الأمر يتطلب شيئًا أكثر واقعية.

إن عدم الصلاحية المطلقة، بموجب المادة 63، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية، للإفادات المقدمة من أشخاص كان ينبغي استجوابهم، منذ البداية، بصفتهم متهمين أو أشخاصًا خاضعين للتحقيق، تتطلب وجود قرائن محددة، حتى لو لم تكن جسيمة، على ارتكاب جريمة في بداية الأمر، ولا يمكن استنتاج هذا الشرط تلقائيًا من مجرد حقيقة أن المُدلي بالإفادة متورط في قضايا قد تؤدي إلى توجيه اتهامات جنائية ضده.

هذا المقتطف هو جوهر القرار. تؤكد المحكمة العليا مجددًا أنه لتفعيل ضمانة المادة 63، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية، يجب أن توجد "قرائن محددة، حتى لو لم تكن جسيمة، على ارتكاب جريمة" منذ لحظة تقديم الإفادات. هذا يعني أن المحققين يجب أن يمتلكوا عناصر ملموسة، حتى لو لم تكن قوية بما يكفي لتشكيل دليل كامل، تجعلهم يعتبرون هذا الشخص مرتكبًا أو شريكًا في جريمة. لا يكفي مجرد تورط الشخص في موقف معقد أو قريب من أعمال إجرامية؛ بل يجب أن تكون هناك أسباب محددة للشك في مسؤوليته الجنائية.

باختصار، يجب أن يكون تقييم قرائن ارتكاب الجريمة:

  • أصليًا: موجودًا منذ بداية الاتصال بقوات الشرطة.
  • محددًا: قائمًا على عناصر ملموسة ومحددة، وليس على مجرد تكهنات أو تورط عام.
  • حاليًا: يجب أن تكون حالة المشتبه به قائمة وقت تقديم الإفادات، ولا يمكن استنتاجها بأثر رجعي.

هذا التوجه أساسي للتمييز بين الشاهد البسيط الذي قد يقدم معلومات مفيدة والمتهم المحتمل الذي يحتاج إلى جميع ضمانات الدفاع المنصوص عليها في القانون.

حالة جريمة التستر على شخص والمادة 384 من القانون الجنائي

حلل القرار حالة محددة رفض فيها مشتري المخدرات الكشف عن اسم المورد "خوفًا من الانتقام". هذا السلوك، من حيث المبدأ، قد يشكل جريمة التستر على شخص (المادة 378 من القانون الجنائي)، حيث يتم مساعدة شخص على التهرب من تحقيقات السلطة. ومع ذلك، اعتبرت المحكمة "غير مؤسسة بشكل واضح" الشكوى المتعلقة بعدم صلاحية إفادات المشتري، وذلك تحديدًا بسبب تطبيق المادة 384 من القانون الجنائي. تنص هذه المادة على سبب عدم العقاب لمن ارتكب جريمة (مثل التستر على شخص) لأنه اضطر إلى ذلك بسبب ضرورة إنقاذ نفسه أو أحد أقاربه من ضرر جسيم ولا مفر منه على حريته أو شرفه.

في الحالة المعروضة، فإن الخوف من الانتقام، والذي أكدته التحقيقات، جعل سبب عدم العقاب قابلاً للتطبيق. ونتيجة لذلك، نظرًا لعدم وجود قرائن محددة على ارتكاب جريمة قابلة للعقاب بالفعل (التستر على شخص) منذ الاتصال الأول بقوات الشرطة، لم يتم تطبيق نص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية. لم يكن من الممكن اعتبار إفادات المشتري غير صالحة، على الرغم من أنها قد تبدو في البداية موجهة نحو التستر على شخص، لأن السلوك كان مغطى بسبب عدم العقاب. يوضح هذا المثال العملي أهمية التقييم الدقيق والمُقَيَّم للقرائن على ارتكاب الجريمة، والذي يجب أن يأخذ في الاعتبار أيضًا أي أسباب تبرير أو عدم عقاب.

الخلاصة: موازنة أساسية

يشكل قرار محكمة النقض رقم 9473/2025 نقطة ثابتة بشأن عدم صلاحية الإفادات. يوضح أن حماية المادة 63، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية ليست تلقائية لمجرد التورط في قضايا غير قانونية، بل تتطلب قرائن "محددة" على ارتكاب جريمة، يتم تقييمها قبل وقوع الحدث (ex ante) مع الأخذ في الاعتبار أيضًا أسباب عدم العقاب. هذا التوجه يوازن بين الاحتياجات التحقيقية والحقوق الفردية، ويعزز اليقين والشفافية في الإجراءات الجنائية. بالنسبة للمهنيين، يسلط القرار الضوء على أهمية التأهيل الدقيق لوضع المُدلي بالإفادة منذ التحقيقات الأولية.

مكتب المحاماة بيانوتشي