الطعن أمام محكمة النقض هو مرحلة حاسمة في الدعوى المدنية. يوضح الأمر رقم 16626 المؤرخ في 21 يونيو 2025، برئاسة س. إ. ومقرر م. ج.، جانباً أساسياً: التنازل عن سبب أو أكثر من أسباب الطعن. يميز هذا القرار بوضوح بين هذا الإجراء والتنازل عن الطعن بأكمله وفقاً للمادة 390 من قانون الإجراءات المدنية، مما يعزز الاستقلالية الفنية للمدافع.
لا يعيد الطعن أمام محكمة النقض النظر في موضوع الدعوى، بل يتحقق من التطبيق الصحيح للقواعد القانونية. "الأسباب" هي الأسباب القانونية التي يعتقد الطرف أنها خاطئة في الحكم المطعون فيه. يمثل اختيار هذه الأسباب وإدارتها استراتيجية إجرائية دقيقة، تُعهد إلى كفاءة المحامي.
يتناول الأمر رقم 16626/2025، الناشئ عن طعن ل. ز. ضد م. ع.، الإجراءات الرسمية للتنازل عن الأسباب. قررت المحكمة العليا ما يلي:
إن التنازل عن سبب أو أكثر من أسباب الطعن، على عكس ما هو منصوص عليه في المادة 390 من قانون الإجراءات المدنية، لا يتطلب توقيع الطرف أو إصدار توكيل محدد، لأنه لا ينطوي على التصرف في الحق المتنازع عليه، بل يشكل تعبيراً عن تقييم فني يتعلق بأكثر الطرق ملاءمة لممارسة حق الطعن، وهو ما يُترك لتقديرية المدافع؛ وبالتالي، يجب اعتبار أي تقدير بشأن صحة الاعتراضات المقدمة مع الأسباب المتنازل عنها غير ضروري.
هذا القرار واضح للغاية. يختلف التنازل عن الأسباب الفردية اختلافاً جوهرياً عن التنازل عن الطعن بأكمله (المادة 390 من قانون الإجراءات المدنية). يتطلب هذا الأخير، الذي ينطوي على قبول نهائي، توقيع الطرف أو توكيل خاص، لأنه يؤثر على الحق الموضوعي. على العكس من ذلك، فإن التنازل عن سبب أو أكثر ليس "تصرفاً في الحق المتنازع عليه"، بل هو اختيار استراتيجي وفني للمدافع، الذي يقيم احتمالات نجاح الاعتراضات. لا تتطلب هذه الحالة إجراءات رسمية من الطرف أو توكيلات مخصصة.
لهذا التفسير تداعيات عملية هامة:
يقدم الأمر رقم 16626 لسنة 2025 دليلاً واضحاً للطعون المدنية. من خلال تحديد حدود استقلالية المدافع في التنازل عن الأسباب، تعزز المحكمة العليا احترافية المحامي. يميز هذا التمييز بين التنازل عن الحق في الطعن والإدارة الفنية للأسباب، مما يساهم في إجراء قانوني أكثر استهدافاً وكفاءة أمام محكمة النقض، لصالح عدالة أسرع وأكثر دقة.