في المشهد المعقد للقانون الإجرائي المدني الإيطالي، يتمثل دور محكمة النقض في ضمان التفسير الموحد للقانون والتطبيق الصحيح للمبادئ الأساسية التي تحكم نظامنا القضائي. يندرج القرار رقم 16915، الصادر في 24 يونيو 2025، في هذا السياق، حيث يقدم توضيحًا أساسيًا لصلاحيات وواجبات القاضي في ما يسمى بـ "دعوى الإحالة"، مع إيلاء اهتمام خاص لمبدأ المواجهة. هذا القرار، الذي ترأسه أ. ج. وكان مُعده ج. إ.، يتناول مسألة ذات أهمية عملية كبيرة للمحامين والمواطنين، مؤكدًا على ركيزة أساسية من ركائز المحاكمة العادلة.
قبل الخوض في جوهر قرار المحكمة العليا، من المفيد فهم ماهية دعوى الإحالة. عندما تقبل محكمة النقض طعنًا و"تنقض" (تبطل) حكمًا موضوعيًا (على سبيل المثال، حكم محكمة الاستئناف، كما في القضية بين س. و ب. التي نظرتها محكمة استئناف بولونيا في 12 ديسمبر 2023)، يمكنها إحالة القضية إلى قاضٍ آخر من نفس الدرجة أو إلى نفس القاضي الذي أصدر الحكم المنقوض، ولكن بتشكيل مختلف. يُطلب من قاضي الإحالة البت في النزاع مرة أخرى، مع الالتزام بالمبادئ القانونية التي حددتها محكمة النقض. إنها مرحلة حساسة، تتاح فيها للأطراف فرصة إعادة طرح دفاعاتهم في ضوء التوجهات الجديدة.
يكمن جوهر القرار رقم 16915/2025 في إعادة تأكيد أهمية مبدأ المواجهة (المادة 101 من قانون الإجراءات المدنية) حتى، وقبل كل شيء، في دعوى الإحالة. ولكن ماذا يعني ذلك عمليًا؟ يفرض مبدأ المواجهة أنه لا يمكن لأحد أن يتحمل آثار قرار قضائي دون أن يُمنح الفرصة للمشاركة في الإجراءات، والدفاع عن نفسه، وإثبات حقوقه. يركز الحكم قيد التعليق على ما يسمى بـ "الملاحظات الإلزامية"، وهي مسائل واقعية أو قانونية يمكن للقاضي ملاحظتها من تلقاء نفسه، أي بمبادرة منه، دون أن تثيرها الأطراف. بشأن هذه النقطة، فإن محكمة النقض قاطعة:
يجب على قاضي الإحالة، إذا أراد البت في النزاع بناءً على ملاحظات إلزامية، أن يُعلم الأطراف بطبيعة الدفوع التي يمكن إثارتها من تلقاء نفسه، احترامًا لمبدأ المواجهة، حيث يجب أن يتم النشاط الدفاعي أيضًا في شكل موقف واضح من المدافعين بشأن مسائل واقعية وقانونية، حتى ذات الطبيعة التفسيرية، والتي لا تتكون من مجرد تأهيلات قانونية.
هذه القاعدة ذات أهمية أساسية. فهي توضح أن القاضي لا يمكنه الاكتفاء بملاحظة مسألة من تلقاء نفسه والبت فيها دون استشارة الأطراف أولاً. بل يجب عليه "إعلام الأطراف بطبيعة الدفوع التي يمكن إثارتها من تلقاء نفسه"، مما يمنحهم الفرصة للتعبير عن وجهة نظرهم. هذا ليس مجرد شكلية، بل هو ضمان بأن النشاط الدفاعي "يتم أيضًا في شكل موقف واضح". بعبارة أخرى، يجب أن تتاح للأطراف وممثليهم القانونيين الفرصة للتصدي بشكل كامل للمسائل التي يثيرها القاضي، ليس فقط فيما يتعلق بالجوانب القانونية البحتة، ولكن أيضًا فيما يتعلق بالتفسيرات والحقائق التي قد تؤثر على نتيجة النزاع. يتماشى هذا النهج مع السوابق القضائية الراسخة، مثل القواعد رقم 822 لسنة 2024، ورقم 24357 لسنة 2023، ورقم 30883 لسنة 2024 من الدوائر الموحدة، التي أكدت بالفعل على ضرورة وجود مواجهة كاملة وعادلة.
إن الآثار العملية لهذا القرار كبيرة. بالنسبة للأطراف ومحاميهم، يعني ذلك حماية أكبر وشفافية في الإجراءات. لا يمكن أن يواجهوا قرارًا يستند إلى حجج لم تكن موضوعًا للنقاش والدفاع. بالنسبة للقاضي، يعني ذلك واجب الوضوح والمبادرة في توضيح المسائل التي ينوي معالجتها من تلقاء نفسه. يعزز هذا النهج الثقة في النظام القضائي ويضمن أن القرارات هي نتيجة لمواجهة كاملة ومتكافئة.
باختصار، النقاط الرئيسية التي يجب تذكرها هي:
يمثل القرار رقم 16915 لسنة 2025 الصادر عن محكمة النقض تذكيرًا هامًا وتأكيدًا على مركزية مبدأ المواجهة في نظامنا. يؤكد على أنه حتى في المراحل الأكثر تقنية وتعقيدًا من الإجراءات المدنية، مثل دعوى الإحالة، فإن ضمان المواجهة العادلة والشفافة أمر لا غنى عنه. لا يحمي هذا القرار الحق في الدفاع للأطراف فحسب، بل يساهم أيضًا في تعزيز شرعية وسلطة القرارات القضائية، مما يضمن أن العدالة لا تتحقق فحسب، بل يُنظر إليها على أنها كذلك. إنه مبدأ أساسي لكل نظام ديمقراطي يهدف إلى الإنصاف واليقين القانوني.