في المشهد القانوني الإيطالي، يعد التفسير والتطبيق الصحيحان للقواعد الإجرائية أمرًا أساسيًا لضمان اليقين القانوني وحماية الأطراف. قرار حديث صادر عن محكمة النقض، الحكم رقم 29552 بتاريخ 9 يوليو 2025 (تم إيداعه في 18 أغسطس 2025)، يندرج ضمن هذا السياق، موضحًا جانبًا حاسمًا يتعلق بانتقال الدعاوى من القطاع الجنائي إلى القطاع المدني. يقدم هذا القرار، الذي كان فيه Autostrade per l'Italia S.p.A. متهمًا و U. Saccucci طرفًا مدنيًا، برئاسة الدكتورة G. Verga وتقرير الدكتور A. Saraco، أفكارًا مهمة للتفكير حول شذوذ الإجراءات القضائية واستمرارية الدعوى.
تعود أصول القضية الإجرائية التي أدت إلى الحكم المعني إلى إجراء قضائي أصدرت فيه محكمة استئناف روما، بموجب أمر بتاريخ 28 فبراير 2025، قرارًا بإحالة الأطراف إلى القاضي المدني لمواصلة الدعوى. حتى الآن، لا يوجد شيء غير عادي، حيث أن المادة 573، الفقرة 1 مكرر، من قانون الإجراءات الجنائية (c.p.p.) تنص صراحة على هذه الإمكانية، خاصة عندما يتعلق الأمر بطلبات التعويض عن الأضرار الناجمة عن جريمة، والتي غالبًا لا يمكن البت فيها في المحكمة الجنائية لأسباب تتعلق بالتعقيد أو الاقتصاد الإجرائي. ومع ذلك، تضمن أمر محكمة الاستئناف توجيهًا محددًا أثار المسألة القانونية موضوع الطعن أمام محكمة النقض: إلزام الأطراف بـ "إعادة استئناف" الدعوى أمام القاضي المدني.
هذا الطلب تحديدًا لـ "إعادة الاستئناف" هو ما انتقدته المحكمة العليا، وألغت جزئيًا القرار الصادر عن محكمة الاستئناف دون إحالة. ولكن لماذا اعتبر هذا التوجيه خطيرًا لدرجة وصفه بـ "الشاذ" وبالتالي قابل للطعن أمام محكمة النقض؟
يُعد الأمر الصادر بموجب المادة 573، الفقرة 1 مكرر، من قانون الإجراءات الجنائية، والذي بموجبه تقوم محكمة الاستئناف، عند إحالة الأطراف إلى القاضي المدني لمواصلة الدعوى، بإلزامهم بـ "إعادة استئنافها" أمامه، قابلاً للطعن أمام محكمة النقض، نظرًا لكونه يعاني من شذوذ هيكلي، حيث أن النص المذكور ينص على مجرد نقله من القطاع الجنائي إلى القطاع المدني، دون انقطاع أو الحاجة إلى مبادرات من الأطراف.
يلخص المبدأ المذكور أعلاه جوهر المسألة. أكدت محكمة النقض، بالإشارة إلى المبادئ الراسخة والسوابق القضائية (مثل الدوائر المتحدة رقم 5307 لعام 2008)، الفرق الجوهري بين "إعادة الاستئناف" و "نقل" الدعوى. يشير "الشذوذ الهيكلي" الذي تتحدث عنه المحكمة إلى إجراء قضائي، على الرغم من دخوله رسميًا ضمن النوع المنصوص عليه في القانون، ينحرف بشكل جذري عن نموذجه القانوني، مما يولد عيبًا لا يمكن إصلاحه يضر بوظيفته.
في الحالة المحددة، تنظم المادة 573، الفقرة 1 مكرر، من قانون الإجراءات الجنائية "نقل" الدعوى. هذا يعني أن الإجراء، بمجرد إحالته إلى القاضي المدني، يستمر في ذلك المقر دون أن يتعين على الأطراف اتخاذ أي إجراءات تحفيزية إضافية لـ "إعادة تشغيله". يضمن النقل استمرارية الإجراءات، وهو مبدأ أساسي في نظامنا يهدف إلى تجنب التأخير والأعباء غير المبررة على الأطراف.
اعتبر فرض "إعادة الاستئناف" من قبل محكمة الاستئناف شاذًا لأنه أدخل عبئًا لم ينص عليه القانون وقطع الاستمرارية التي يهدف القانون إلى ضمانها. في الواقع، "إعادة الاستئناف" نموذجية للحالات التي توقف فيها الإجراء أو عُلق، وتتطلب إجراءً تحفيزيًا من الأطراف لإعادة تفعيله، غالبًا في غضون آجال محددة. أما النقل، فيعمل تلقائيًا، مما يضمن استمرار الدعوى دون انقطاع ودون الحاجة إلى مبادرات إجرائية جديدة من الأطراف، الذين قد يكونون غير مدركين لهذه الأعباء أو قد يواجهون سقوط حقوقهم.
هذا التمييز حاسم لعدة أسباب:
وبالتالي، أكدت محكمة النقض أن التفسير الصحيح للمادة 573، الفقرة 1 مكرر، من قانون الإجراءات الجنائية يعني مجرد نقل، وليس إعادة استئناف، وأن أي فرض يتعارض مع ذلك يشكل شذوذًا هيكليًا في الإجراء، مما يجعله قابلاً للطعن.
يمثل الحكم رقم 29552 لعام 2025 الصادر عن محكمة النقض، برئاسة الدكتورة G. Verga وتقرير الدكتور A. Saraco، توضيحًا هامًا في مجال القانون الإجرائي الجنائي والمدني. إنه يعزز مبدأ استمرارية الدعوى وحماية الأطراف، ويمنع الأخطاء الإجرائية أو التفسيرات الخاطئة للقواعد من إثقال كاهل من يطلب العدالة. يؤكد القرار على أهمية التطبيق الصارم للأحكام التنظيمية، وخاصة تلك التي تنظم الانتقال بين المراحل أو السلطات القضائية المختلفة، للحفاظ على سلامة الإجراءات وضمان اليقين القانوني. بالنسبة للعاملين في مجال القانون والمواطنين، يعد هذا القرار بمثابة تذكير بضرورة اليقظة بشأن الإدارة الصحيحة للإجراءات، وضمان احترام حقوق الأطراف بشكل كامل دائمًا.