الدليل الطارئ في الاستئناف الجنائي: تحليل الحكم رقم 29837/2025 والمادة 603 من قانون الإجراءات الجنائية

في المشهد المعقد للقانون الإجرائي الجنائي، تمثل مسألة قبول أدلة جديدة في مرحلة الاستئناف نقطة محورية، قادرة على التأثير بعمق على نتيجة الحكم. مبدأ اكتمال المحاكمة الابتدائية يصطدم أحيانًا بالحاجة إلى ضمان العدالة الموضوعية، بالسماح بإدخال عناصر لم تكن متاحة أو معروفة سابقًا. في هذا التوازن الدقيق، يندرج الحكم الأخير والهام لمحكمة النقض، الحكم رقم 29837 بتاريخ 03/06/2025 (مودع بتاريخ 27/08/2025)، الذي يقدم توضيحات هامة حول تفسير المادة 603، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية، المتعلقة بتجديد التحقيق في الاستئناف.

الإطار التنظيمي: المادة 603 من قانون الإجراءات الجنائية وتجديد التحقيق

تنظم المادة 603 من قانون الإجراءات الجنائية طرق وشروط تجديد التحقيق في الاستئناف. بينما تنص الفقرة 1 على أن التجديد لا يتم إلا إذا اعتبره القاضي ضروريًا للغاية، تقدم الفقرة 2 استثناءً محددًا لما يسمى بـ "الأدلة الطارئة أو المكتشفة بعد المحاكمة الابتدائية". يهدف هذا الحكم إلى الموازنة بين مبدأ عدم قابلية الدليل للتغيير والحاجة إلى عدم منع اكتشاف الحقيقة بسبب عناصر لم تكن متاحة موضوعيًا في السابق. ومع ذلك، فإن تطبيقه ليس تلقائيًا على الإطلاق ويتطلب تقييمًا دقيقًا من قبل قاضي الاستئناف، كما هو موضح في السوابق القضائية الثابتة، وخاصة في الحكم قيد النظر.

مضمون الحكم رقم 29837/2025: توضيح شروط الدليل الجديد

رفضت محكمة النقض، بالحكم رقم 29837/2025، الطعن المقدم من المتهم أ. س.، مؤكدة قرار محكمة استئناف تارانتو الذي رفض تجديد التحقيق. يركز الحكم، الذي أعدته الدكتورة م. ب.، على تعريف الشروط التي يجب أن يمتلكها الدليل لكي يعتبر "طارئًا أو مكتشفًا بعد المحاكمة الابتدائية" بموجب المادة 603، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية. إليك المضمون الكامل:

فيما يتعلق بتجديد التحقيق، فإن الدليل "الطارئ أو المكتشف بعد المحاكمة الابتدائية"، المشار إليه في المادة 603، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية، هو ذلك الذي يظهر بشكل مستقل، دون أي إجراء تحقيق، أو يتم العثور عليه بعد إجراء بحث، والذي تظهر نتائجه بعد القرار. (حالة اعتبر فيها رفض تجديد التحقيق مشروعًا لاكتساب استشارة طرف حول وثائق محاسبية موجودة مسبقًا في الاستئناف).

هذا المضمون ذو أهمية أساسية لأنه يوضح التفسير الصارم الذي تتبناه المحكمة العليا في هذا الشأن. "الدليل الطارئ" ليس مجرد دليل لم يتم تقديمه في الدرجة الأولى، بل يجب أن يستوفي معايير موضوعية محددة جيدًا. عمليًا، يتم التمييز بين سيناريوهين:

  • الدليل الطارئ بالمعنى الضيق: هو ذلك الذي يظهر بشكل مستقل، بغض النظر عن أي نشاط تحقيق أو بحث من قبل الأطراف، في وقت لاحق للقرار الابتدائي. يمكن التفكير، على سبيل المثال، في العثور العرضي على مستند أو التصريح الطوعي لشاهد جديد.
  • الدليل المكتشف: هو ذلك الذي يظهر نتيجة لنشاط بحث أو تحقيق، ولكن نتائجه تتحقق فقط بعد الحكم الابتدائي. هذا يعني أن البحث نفسه، أو ثماره، لم يكن من الممكن تقديمه أو استخدامه في المحاكمة السابقة.

الحالة المحددة التي نظرت فيها محكمة النقض هي مثال توضيحي: تم رفض طلب اكتساب استشارة طرف حول وثائق محاسبية موجودة مسبقًا في الاستئناف. هذا لأن الوثائق المحاسبية كانت موجودة بالفعل، ويفترض أنها كانت متاحة في الدرجة الأولى. "اكتشاف" تفسير أو تحليل جديد (استشارة الطرف) على مواد متاحة بالفعل لا يشكل شرط "الدليل الطارئ أو المكتشف" المطلوب بموجب المادة 603، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية. تؤكد المحكمة أنه لا يكفي مجرد معالجة جديدة للعناصر المعروفة أو التي يمكن معرفتها بالفعل؛ بل من الضروري أن يكون عنصر الإثبات نفسه، أو إمكانية معرفته، جديدًا فعليًا وليس نتيجة مجرد إغفال دفاعي أو إعادة معالجة لاحقة.

الآثار العملية والتوجهات القضائية

يقع الحكم رقم 29837/2025 ضمن مسار قضائي راسخ، مستشهدًا بمضامين سابقة متوافقة (مثل رقم 11530 لعام 2013 ورقم 47963 لعام 2016). يؤكد هذا التوجه على أهمية مبدأ الإغلاق وتركيز المحاكمة. الهدف هو تجنب تحول مرحلة الاستئناف إلى إعادة للمحاكمة الابتدائية، مع إدخال عشوائي لأدلة جديدة كان يمكن أو يجب تقديمها في الوقت المناسب. بالنسبة للعاملين في مجال القانون، هذا يعني:

  • زيادة الصرامة في مرحلة التحقيق الابتدائية: من الضروري أن يقوم الدفاع والادعاء بأقصى درجات العناية بجميع أنشطة البحث وتقديم الأدلة منذ الدرجة الأولى من التقاضي.
  • تقييم دقيق لـ "حداثة" الدليل: قبل طلب تجديد التحقيق في الاستئناف، من الضروري التحقق من أن الدليل يستوفي الشروط الصارمة لـ "الظهور" أو "الاكتشاف" بعد الحكم. لا يكفي أن يكون الدليل "جديدًا" للطرف الذي يقدمه، بل يجب أن يكون جديدًا بمعنى موضوعي وإجرائي.
  • منع التكتيكات المماطلة: التفسير المقيد للمادة 603، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية يهدف أيضًا إلى منع الاستخدام الاستراتيجي لطلب أدلة جديدة لتأخير نتيجة العملية أو لمعالجة أوجه القصور الدفاعية السابقة.

الخاتمة

يقدم حكم محكمة النقض رقم 29837/2025 إضافة قيمة أخرى لفهم حدود وفرص تجديد التحقيق في الاستئناف. من خلال التأكيد على رؤية صارمة لمفهوم "الدليل الطارئ أو المكتشف"، تهدف المحكمة العليا إلى ضمان كفاءة وصحة الإجراءات الجنائية، مع حماية الحق في الدفاع في الوقت نفسه. إنه بمثابة تذكير لجميع محامي الدفاع الجنائي والأطراف المعنية: مرحلة الدرجة الأولى هي اللحظة الحاسمة لتكوين الدليل، ولا ينبغي اعتبار الاستئناف "فرصة ثانية" لسد الثغرات الإجرائية التي يمكن تجنبها. العدالة، في الواقع، تتطلب ليس فقط البحث عن الحقيقة، بل أيضًا احترام القواعد الإجرائية التي تضمن سرعتها وجديتها.

مكتب المحاماة بيانوتشي