في المشهد المعقد والحساس للقانون الإجرائي الجنائي الإيطالي، تحتل التدابير الاحترازية دورًا حاسمًا، حيث توازن بين الحاجة إلى فعالية الإجراءات القضائية وحماية الحقوق الأساسية للمتهم. من بين هذه التدابير، يمثل الحجز التحفظي أداة ذات أهمية خاصة، وغالبًا ما تكون موضوعًا للنقاش والقرارات القضائية الهامة. في هذا السياق، قدمت محكمة النقض، بموجب الحكم رقم 12316 لعام 2025، توضيحًا أساسيًا بشأن مسألة المناقشة المسبقة، مؤكدةً شرعية غيابها في مرحلة إصدار القرار.
الحجز التحفظي، المنصوص عليه في المواد 316 وما يليها من قانون الإجراءات الجنائية (c.p.p.)، هو إجراء احترازي عيني يهدف إلى ضمان دفع نفقات المحاكمة، والغرامات، والالتزامات المدنية الناجمة عن الجريمة، مثل التعويض عن الأضرار التي لحقت بالضحية. طبيعته "العينية" تعني أنه يؤثر مباشرة على أصول محددة للمتهم (أو المسؤول المدني)، ويحرمه من التصرف فيها لضمان التنفيذ المستقبلي للديون. السمة المميزة لهذا الإجراء غالبًا ما تكون اعتماده "بشكل مفاجئ"، أي دون إجراء مناقشة مسبقة مع الطرف الذي يخضع له. هذا الأسلوب، على الرغم من كونه ضروريًا لمنع المدعى عليه أو المتهم من تبديد أصوله، قد أثار في الماضي تساؤلات حول توافقه مع المبادئ الدستورية والاتفاقية.
إن مسألة الشرعية الدستورية للمادة 317، الفقرة 1، من قانون الإجراءات الجنائية، بسبب تعارضها مع المواد 3 و 24 و 111 من الدستور والمادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث لا تنص على إجراء مناقشة قبل إصدار القرار الذي يأمر بالحجز التحفظي، هي مسألة غير مؤسسة بشكل واضح، لأن المناقشة المحتملة والمؤجلة، التي تضمنها طلب المراجعة المنصوص عليه في المادة 318 من قانون الإجراءات الجنائية، تلبي ضمانات الدفاع فيما يتعلق بإجراء احترازي عيني له طبيعة إجراء مفاجئ فسيولوجيًا، مما يجعل اختيار اعتماده "inaudita altera parte" (دون سماع الطرف الآخر) غير غير معقول.
هذه الخلاصة من محكمة النقض، المستمدة من الحكم قيد النظر، تمثل جوهر القرار. تتناول المحكمة وتحل مسألة الشرعية الدستورية للمادة 317، الفقرة 1، من قانون الإجراءات الجنائية، التي لا تنص على المناقشة قبل إصدار الحجز التحفظي. الحجة الرئيسية للقرار هي أنه على الرغم من غياب المناقشة المسبقة، فإن ضمانات الدفاع لا تختفي، بل يتم ضمانها في مرحلة لاحقة وفعالة بنفس القدر: مرحلة المراجعة. طبيعة الحجز التحفظي نفسها، المصممة لتكون إجراء "مفاجئ" لحماية فعالية الإجراء، تجعل الاختيار التشريعي لاعتماده "inaudita altera parte" (أي، دون سماع الطرف الآخر) معقولًا تمامًا وغير متعارض مع المبادئ الدستورية وفوق الوطنية.
يقع قرار محكمة النقض، المتعلق بقضية المتهم م. ر.، ضمن اتجاه قضائي راسخ أوضح منذ فترة طويلة الموازنة الدقيقة بين فعالية التدابير الاحترازية والحق في الدفاع. اعتبرت المحكمة أن المناقشة، على الرغم من أنها ليست مسبقة، مضمونة بالكامل من خلال إمكانية تقديم طلب مراجعة وفقًا للمادة 318 من قانون الإجراءات الجنائية. يسمح هذا العلاج للمتهم بالطعن في قرار الحجز التحفظي أمام محكمة الحرية (T.D.L.)، كما حدث في الحالة المحددة مع الرفض الجزئي من قبل محكمة الحرية في تورينو. في هذا السياق، يُطلب من محكمة الحرية تقييم وجود شروط الحجز، وضرورته، وتناسبه، مما يضمن رقابة قضائية كاملة.
فحصت المحكمة المسألة في ضوء عدة مواد أساسية:
أكدت محكمة النقض، تماشيًا مع القرارات السابقة (مثل تلك المذكورة في الملخصات السابقة، على سبيل المثال رقم 51576 لعام 2019 أو الدوائر المتحدة رقم 15290 لعام 2018)، على متانة هذا النظام التشريعي والتفسيري.
بالنسبة للمتهم م. ر. وجميع الذين يخضعون للحجز التحفظي، يؤكد الحكم رقم 12316/2025 مبدأ أساسيًا: غياب المناقشة المسبقة لا يعني غياب الضمانات. على العكس من ذلك، يوفر النظام آلية رقابة قضائية قوية وسريعة من خلال اللجوء إلى محكمة الحرية. هذا يعني أنه بمجرد إخطار قرار الحجز، يجب على المتهم ومحاميه التصرف بسرعة. يصبح طلب المراجعة هو الساحة الرئيسية لتحدي شرعية وأساس الإجراء، وتقديم الأدلة والحجج للدفاع عن النفس. تعتبر السرعة والدقة في صياغة الاستئناف ضروريين لحماية المصالح المالية المعنية على أفضل وجه.
لا يقدم حكم محكمة النقض رقم 12316 لعام 2025 ثورات، بل يعزز مبدأ راسخًا في قانون الإجراءات الجنائية لدينا: التوازن بين فعالية التدابير الاحترازية العينية وضمان الحق في الدفاع. تُعترف بالطبيعة "المفاجئة" للحجز التحفظي كضرورة وظيفية لفعاليته، ولكن يتم تخفيف هذه الحاجة وموازنتها من خلال توفير رقابة قضائية لاحقة وكاملة وفعالة، من خلال المراجعة. يضمن هذا النموذج أنه، حتى في ظل فورية الإجراء الاحترازي، يتم حماية حقوق الفرد بالكامل من خلال مناقشة، وإن كانت مؤجلة. بالنسبة لأولئك الذين يواجهون إجراءً مؤثرًا كهذا، فإن مساعدة محامٍ خبير في قانون الإجراءات الجنائية أمر بالغ الأهمية للتنقل في تعقيدات النظام وضمان الدفاع الكامل عن حقوقهم ومصالحهم.