يُعد النظام القضائي الإيطالي، وخاصة النظام الجنائي، آلية معقدة يجب أن تعمل فيها كل مكون على حدة، من مرحلة التحقيقات الأولية إلى مرحلة التنفيذ، بتناغم تام واحترام صارم للقواعد الإجرائية. وتمثل تدابير الحيطة الشخصية أحد أكثر جوانب هذا النظام حساسية، لأنها تؤثر بشكل مباشر على الحرية الفردية للمشتبه به أو المتهم. وفي هذا السياق تحديدًا، قدمت محكمة النقض، في حكمها رقم 10861 المؤرخ في 13 مارس 2025 (والمودع في 18 مارس 2025)، توضيحًا هامًا يعزز الضمانات الإجرائية ويحدد بدقة أكبر مهام محكمة الاستئناف في حالة إعادة التصنيف القانوني للواقعة.
في مجال القانون الجنائي، يمكن للقاضي المكلف بالتحقيقات الأولية أن يأمر بتدابير الحيطة الشخصية - مثل الحبس الاحتياطي أو الحبس المنزلي - عندما توجد دلائل قوية على الإدانة واحتياجات محددة للحيطة. ضد هذه القرارات، يحق للمشتبه به اللجوء إلى محكمة الاستئناف، وهي هيئة جماعية مكلفة بالتحقق من شرعية ومدى صحة قرار الحيطة.
أحد الجوانب الأساسية، والذي غالبًا ما يكون مصدرًا للتعقيد، يتعلق بالاختصاص الإقليمي والوظيفي للقاضي. على سبيل المثال، تنص المادة 51، الفقرة 3 مكرر، من قانون الإجراءات الجنائية على اختصاص قاضي التحقيقات الأولية في المحكمة التي تقع في عاصمة المنطقة، فيما يتعلق بجرائم معينة (مثل جرائم التنظيم الإجرامي أو الإرهاب). وهذا اختصاص "منطقة"، مصمم لتركيز التحقيقات المعقدة وضمان فعالية أكبر في التحقيق.
يركز الحكم قيد النظر، الصادر عن الدائرة الجنائية الثانية برئاسة أ. ب. وبإشراف م. ت. م.، على التوازن الدقيق بين إعادة التصنيف القانوني للواقعة من قبل محكمة الاستئناف والعواقب على اختصاص قاضي التحقيقات الأولية الذي أصدر قرار الحيطة.
يكمن جوهر قرار المحكمة العليا في المبدأ التالي:
فيما يتعلق بتدابير الحيطة الشخصية، فإن محكمة الاستئناف التي تعيد التصنيف القانوني للواقعة، مستبعدة ارتباطها بأي من فئات الجرائم المنصوص عليها في المادة 51، الفقرة 3 مكرر، من قانون الإجراءات الجنائية، حتى لو كان ذلك فقط بسبب استبعاد ظرف مشدد، ملزمة بإعلان عدم اختصاص قاضي التحقيقات الأولية في المحكمة التي تقع في عاصمة المنطقة التي يقع فيها القاضي المختص، مع ما يترتب على ذلك من واجب التحقق، وفقًا للمادة 291، الفقرة 2، من قانون الإجراءات الجنائية، من وجود شروط إصدار القرار الأصلي، مع الاحتفاظ بسلطة إلغائه، في حالة فشل هذا التحقق، أو اتخاذ إجراء وفقًا للمادة 27 من قانون الإجراءات الجنائية في الحالة المختلفة التي ترى فيها ضرورة إحدى احتياجات الحيطة على الأقل.
يوضح هذا المبدأ قاعدة ذات أهمية أساسية: إذا قامت محكمة الاستئناف، عند تقييم صحة تدبير الحيطة، بتعديل التصنيف القانوني للجريمة المنسوبة في الأصل، وهذا التعديل يؤدي إلى استبعاد أن الواقعة تندرج ضمن تلك التي تدخل في اختصاص المنطقة (المنصوص عليها في المادة 51، الفقرة 3 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية)، فلا يمكن للمحكمة أن تقتصر على المصادقة على التدبير أو إلغائه. بل يجب عليها، بدلاً من ذلك، اتخاذ خطوة إضافية وحاسمة: إعلان عدم اختصاص قاضي التحقيقات الأولية في المنطقة الذي أصدر الأمر.
يحدث هذا، على سبيل المثال، إذا تم استبعاد ظرف مشدد كان حاسمًا لاختصاص المنطقة. بمجرد إعلان عدم الاختصاص، يتعين على محكمة الاستئناف القيام بما يلي:
يؤكد هذا القرار الصادر عن محكمة النقض، والذي ألغى دون إحالة قرار محكمة الحرية في كاتانيا ضد المتهم ج. ج.، على ضرورة الرقابة الصارمة ليس فقط على وجود شروط التدبير، ولكن أيضًا على التحديد الصحيح للقاضي المختص، وهو عنصر أساسي لشرعية الإجراء بأكمله.
الحكم رقم 10861/2025 ليس مجرد توضيح فني، بل هو بوصلة للعاملين في مجال القانون. آثاره عميقة:
يقع هذا التوجه ضمن مسار قضائي تم تحديده بالفعل، كما يتضح من الإشارات إلى سوابق قضائية متوافقة (مثل الحكم رقم 32956 لسنة 2022) وقرارات الدوائر الموحدة (الحكم رقم 19214 لسنة 2020)، مما يعزز مبدأ أساسيًا من مبادئ الشرعية والصحة الإجرائية.
يمثل قرار محكمة النقض رقم 10861 لسنة 2025 نقطة مرجعية لا غنى عنها في مسائل تدابير الحيطة الشخصية والاختصاص القضائي. يؤكد بقوة أن احترام القواعد الإجرائية ليس مجرد شكلية، بل هو شريان الحياة لعملية عادلة ومنصفة، قادرة على حماية الحقوق الأساسية للفرد، وعلى رأسها الحرية الشخصية (المادة 13 من الدستور). بالنسبة للمحامين والقضاة ودارسي القانون، يقدم هذا الحكم توجيهًا واضحًا حول كيفية التعامل مع الديناميكيات المعقدة المتعلقة بإعادة التصنيف القانوني للواقعة والتحقق اللاحق من الاختصاص، مما يساهم في تعزيز اليقين القانوني والثقة في النظام القضائي.