قدرة القاضي والجداول التنظيمية: تحليل حكم محكمة النقض رقم 8901/2024

يقوم النظام القضائي الإيطالي على مبادئ أساسية تهدف إلى ضمان حياد القاضي وموضوعيته، وهما عنصران أساسيان لتحقيق محاكمة عادلة. من بين هذه المبادئ، يبرز مبدأ القاضي الطبيعي المُعد سلفًا بموجب القانون، والذي كرسته دساتيرنا. ولكن ماذا يحدث عندما لا يحترم تخصيص قضية ما الجداول التنظيمية للمكتب القضائي؟ هل يعتبر ذلك بطلانًا؟ يقدم حكم محكمة النقض الأخير رقم 8901 بتاريخ 10/12/2024 (المُودع بتاريخ 04/03/2025)، برئاسة القاضي V. D. N. ومقرر القاضي G. G.، تفسيرًا توضيحيًا لهذه المسألة الحساسة، ويحدد حدودًا واضحة بين مجرد مخالفة بسيطة وعيب لا يمكن إصلاحه.

مبدأ القاضي الطبيعي المُعد سلفًا بموجب القانون: ضمانة دستورية

تنص المادة 25، الفقرة 1، من الدستور الإيطالي على أنه "لا يجوز إبعاد أي شخص عن قاضيه الطبيعي المُعد سلفًا بموجب القانون". يهدف هذا المبدأ الأساسي إلى منع إنشاء قضاة مخصصين لقضايا محددة، مما يضمن أن يتم تحديد اختصاص وتكوين الهيئة القضائية بموجب قواعد عامة ومجردة، تسبق الواقعة المحددة. إنه حجر الزاوية في ديمقراطيتنا، وهو ضروري لحماية الحقوق والحريات الفردية، لأنه يضمن أن تتم محاكمة كل مواطن من قبل هيئة محايدة، لا يمكن أن يتأثر تعيينها بمنطق خارجي أو تقديري.

الحكم رقم 8901/2024: منارة للبطلان المطلق

تناولت محكمة النقض في الحكم قيد النظر مسألة تخصيص القضية بما ينتهك جداول تنظيم المكتب القضائي. هذه مسألة حاسمة، لأن الجداول ليست مجرد وثائق إدارية، بل هي أدوات تجسد مبدأ القاضي الطبيعي. يوضح الحكم متى يمكن أن يؤدي هذا الانتهاك إلى بطلان مطلق للقرارات الصادرة، بموجب المادة 178، الفقرة 1، الحرف ج)، من قانون الإجراءات الجنائية.

إن تخصيص القضية بما ينتهك جداول تنظيم المكتب يؤثر على قدرة القاضي، مسببًا، بموجب المادة 178، الفقرة 1، الحرف ج)، من قانون الإجراءات الجنائية، بطلانًا مطلقًا للقرارات التي يصدرها، وذلك فقط في حالة ما إذا كان ذلك يشكل تخصيصًا "خارج النظام"، تم إجراؤه بالازدراء للمعايير الجدولية، ونتج عنه، بالتالي، استهداف التهرب من مبدأ القاضي الطبيعي المُعد سلفًا بموجب القانون، والذي تم تكريسه دستوريًا، أو انتهاكه.

هذه الخلاصة ذات أهمية أساسية. تؤكد محكمة النقض أن ليس كل عدم امتثال للجداول يولد بطلانًا مطلقًا. العقوبة الأشد، وهي البطلان لعدم اختصاص القاضي، تحدث فقط في وجود تخصيص "خارج النظام". بهذا التعبير، تقصد المحكمة تخصيصًا لا ينحرف فقط عن المعايير الجدولية، بل يفعل ذلك بهدف محدد جدًا: التهرب من مبدأ القاضي الطبيعي المُعد سلفًا بموجب القانون أو انتهاكه. بعبارة أخرى، يجب أن يكون الانتهاك متعمدًا وآليًا، ويهدف إلى إعداد قاضٍ مختلف عن القاضي الذي كان سيكون مختصًا بشكل طبيعي وفقًا للقواعد العامة. فقط في هذه الحالات يتشكل تغيير عميق في القدرة الوظيفية للقاضي لدرجة المساس بجوهر المحاكمة العادلة.

القضية المحددة وتداعياتها العملية

تتعلق الوقائع التي فحصتها محكمة النقض بالمتهم G. G.، الذي صدر قرار احترازي حقيقي بحقه من قبل هيئة من محكمة الحرية في بوتنزا تختلف عن الهيئة المنصوص عليها في الجداول. ومع ذلك، استبعدت المحكمة بطلان القرار. لماذا؟ كان السبب يكمن في عدم توافق الهيئة المنصوص عليها في الأصل، والتي كانت قد نظرت بالفعل في نفس المسألة القانونية (regiudicanda)، وألغت قرار مصادرة سابق. في هذا السياق، لم يكن تخصيص هيئة مختلفة يهدف إلى التهرب من مبدأ القاضي الطبيعي، بل إلى ضمان حياد الحكم، وتجنب أن تصدر نفس الهيئة حكمًا مرة أخرى في نفس المسألة. هذا يوضح كيف تعمل محكمة النقض على تمييز حاسم:

  • **ليس كل انتهاك للجداول يولد بطلانًا:** يلزم تقييم كل حالة على حدة.
  • **التخصيص "خارج النظام" هو المحور:** يجب أن يكون هناك قصد للتهرب من المبدأ الدستوري أو انتهاكه.
  • **الغاية حاسمة:** إذا كان الانحراف عن الجداول مبررًا بضرورات ضمان (مثل عدم التوافق)، فلا يعتبر ذلك بطلانًا.

يؤكد الحكم أن قدرة القاضي لا تتأثر بكل انحراف عن الجداول، بل فقط بتلك التي تخون روح ونص المادة 25 من الدستور والمادة 33، الفقرة 1، من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تمثل تطبيقها الإجرائي.

الخلاصة: ضمان المحاكمة العادلة

يمثل حكم محكمة النقض رقم 8901/2024 نقطة ثابتة في الفقه القضائي بشأن قدرة القاضي والتنظيم القضائي. يؤكد مجددًا على أهمية مبدأ القاضي الطبيعي المُعد سلفًا بموجب القانون، ولكنه في الوقت نفسه يحدد بوضوح حدود البطلان المطلق، ويميزه عن مجرد المخالفات البسيطة. بالنسبة للعاملين في مجال القانون والمواطنين، يعد هذا الحكم تذكيرًا مستمرًا بأن الشكل الإجرائي، على الرغم من كونه أساسيًا، يجب دائمًا تفسيره في ضوء وظيفته النهائية: ضمان محاكمة عادلة ومحايدة تحترم الحقوق الأساسية، دون أن تؤدي الانحرافات المبررة بضرورات العدالة العليا إلى المساس بصحة الإجراءات.

مكتب المحاماة بيانوتشي