الاختلاس في إدارة المقابر: تعليق على حكم محكمة النقض رقم 10068/2025

من خلال الحكم رقم 10068/2025، تعود الدائرة الجنائية السادسة لمحكمة النقض إلى التساؤل حول حدود جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 314 من القانون الجنائي عندما يتم تسليم الأموال العامة إلى شخص خاص بموجب اتفاقية. القضية، التي تركز على عدم إعادة عائدات الخدمات المقبرية إلى البلدية، توفر فرصة للتفكير في العلاقة بين القطاعين العام والخاص في إدارة الخدمات الأساسية والضمانات الجنائية لحماية الخزانة العامة.

الواقعة والإجراءات القضائية

بدأت القضية في مدينة أ.، حيث قامت الشركة الممنوحة امتياز إدارة الخدمات المقبرية، ممثلة بالسيد أ. ج. أ.، بتحصيل رسوم منح مساحات الدفن دون تحويلها إلى خزائن البلدية. حكمت المحكمة على المتهم بالاختلاس؛ وأكدت محكمة الاستئناف في أنكونا، بتاريخ 16/04/2024، القرار. عند وصول القضية إلى محكمة النقض، دفع الدفاع بعدم وجود صفة "موظف عام" وطبيعة المبالغ "الخاصة". رفضت المحكمة العليا الاستئناف، مؤكدة الخط الذي رسمته الدوائر المتحدة رقم 6087/2021.

تُشكل جريمة الاختلاس سلوك الامتناع عن سداد رسوم منح مساحات الدفن التي تم تحصيلها لصالح الجهة العامة، من قبل الممثل القانوني للشركة المتعاقدة لإدارة الخدمات المقبرية، إلى البلدية.

ببساطة: إذا تم تحصيل الأموال نيابة عن الجهة العامة، فإنها تصبح فوراً "أموالاً عامة". يشكل الاحتفاظ بها اختلاساً مشدداً بصفة الضمان التي تمنحها المادة 314 من القانون الجنائي للموظفين العموميين وموظفي الخدمة العامة.

العناصر المكونة للاختلاس

  • الفاعل المؤهل: ليس فقط الموظفين العموميين، بل أيضاً الأفراد الذين، بناءً على اتفاقية، يمارسون وظائف عامة أو خدمات عامة.
  • الحيازة بسبب الوظيفة أو الخدمة: تتلقى الشركة الممنوحة الامتياز المبالغ مع الالتزام بتحويلها إلى الجهة؛ فهي ليست مجرد حائز، بل تمتلكها بصفة مؤهلة.
  • قصد الاختلاس: يتمثل في الرغبة في الاحتفاظ بالمبالغ، ولو مؤقتاً، وتحويلها عن وجهتها العامة.

تستشهد المحكمة بالاجتهاد القضائي المتوافق (محكمة النقض 37674/2020؛ 3683/2022) الذي أكد الطبيعة العامة للعائدات المحصلة لصالح الجهة، بغض النظر عن الطبيعة الخاصة لعلاقة الامتياز (المادتان 1321 وما يليها من القانون المدني).

جوانب القانون العام والمسؤولية المالية

يقع القرار ضمن التيار الأوسع الذي يشهد إدارة المرافق العامة من قبل أفراد تحت رقابة صارمة من قبل ديوان المحاسبة والقضاء الجنائي. يمكن أن يؤدي الامتناع عن السداد، بالإضافة إلى تشكيل جريمة، إلى:

  • التعويض عن الضرر المالي وفقاً للمادة 1 من القانون رقم 20/1994؛
  • إلغاء أو فسخ الاتفاقية بسبب عدم الامتثال الجسيم (المادة 1453 من القانون المدني)؛
  • إمكانية فرض حظر على المافيا في حالة ظهور تغلغل أو سلوكيات فساد مرتبطة.

من منظور وقائي، يُطلب من الهيئات المحلية تعزيز بنود مراقبة التدفقات المالية، مع النص على التزامات تقديم تقارير ربع سنوية وضمانات مصرفية.

الآثار العملية للشركات والإدارات

بالنسبة للشركات الممنوحة الامتياز، تؤكد الأحكام على أهمية إجراءات محاسبة شفافة وبرنامج امتثال مناسب لتجنب الانحراف الجنائي. من جانبهم، يجب على الإدارات:

  • تزويد نفسها بضوابط داخلية آلية (مثل تقاطع الإيرادات/البنوك)؛
  • النص على عقوبات تصاعدية في حالة التأخير في السداد؛
  • تدريب الموظفين على خطر الاختلاس وعلى واجب الإبلاغ الفوري وفقاً للمادة 361 من القانون الجنائي.

الخاتمة

يؤكد حكم محكمة النقض رقم 10068/2025 على نهج راسخ: عندما يدير القطاع الخاص موارد مخصصة للمصلحة العامة، يكون الخط الفاصل مع المسؤوليات الجنائية رفيعاً. يبدأ الاختلاس بمجرد "دخول" الأموال إلى الصندوق واحتجازها بعد المواعيد المحددة. لذلك، يُطلب من الإدارات والشركات الممنوحة الامتياز ثقافة صارمة للقانون والشفافية، مع الوعي بأن القانون الجنائي يظل الحاجز الأخير، ولكنه صارم، لحماية الخزانة العامة.

مكتب المحاماة بيانوتشي